خذ وخل: كي لا تتكرر المأساة!

نشر في 30-08-2009
آخر تحديث 30-08-2009 | 00:01
 سليمان الفهد • لاحظت أن جل الكتابات والتصريحات والتغطية الإعلامية، بشأن الحريق المأساوي، تمحور حول الأسباب المادية التي أفضت الى إحالة حفل العرس الى مأتم وطني تداعت له الديرة باستجابة المواساة، وشد الأزر مادياً ومعنوياً، وكان ذروة سنامه موقف صاحب السمو، حفظه الله وأطال في عمره الزمني والوطني والإنساني، كما تبدى في اعتذاره عن قبول التهاني بشهر رمضان المبارك، فضلا عن مكرمته الكريمة لذوي الضحايا، وعمارته لمجلس أفراح جديد وتجديد الصالة القديمة جزاه الله خيراً.

ولعله من فضول القول الإشارة إلى أن المواقف المعنوية والمادية، المترعتين بالتراحم وشد الأزر والمواساة كانت بمنزلة البلسم الناجع لجراح ذوي الضحايا التي مابرحت تنزف، وفي سبيلها إلى العلاج الناجع، لاسيما أنها حرّضت الحكومة والأهالي على مكابدة الحداد الوطني بكل ما ينطوي عليه من مشاعر وقيم وأفعال ريانة بالتراحم والتكافل، وكل أنواع المواساة وشد الأزر، اللهم زد وبارك.

• وإذا كانت البلية امتحانا للمبتلين بها، أحسب، بل أجزم، أننا تجاوزناه واستجبنا له، بما يليق به من مشاعر وأفعال تعلنان عن نفسيهما كل يوم. وقد اعتاد الكويتيون ترقب «دلوق سهيل» المعلن عن أحوال المناخ في قادم الأيام. لكن الديرة هذا الموسم فوجئت «بدلوق سهيل» اجتماعي مأساوي أقامها عن بكرة أبيها ولم يقعدها بعد!

وفي هذا السياق: يبدو لي أن وسائل الاتصال قالت كل ما في جعبتها من أخبار وتعليقات وآراء واتهامات وغيرها، لكن القلة القليلة منها اهتمت بالدوافع والأسباب المحرضة على ارتكاب الجريمة النكراء. من هنا كم أتمنى على الجهات المختصة أن تتيح لأطباء الطب النفسي، وخبراء علم النفس، والجريمة والعلاج النفسي، فرصة احتشاد «كونستلو» يمكنهم من تشريح شخصية المتهمة، وسبر أعماقها الشعورية واللاشعورية، سعيا لمعرفة الدوافع التي دفعتها الى ارتكاب الجريمة المأساوية، ذلك أن الاكتفاء بوضع اللوم على شماعة وكاهل قصور وتقصير الوزارات والمؤسسات المعنية بالماسأة فقط، يعد من تحصيل الحاصل، ومن قبل الواجب الضروري الذي لابد منه لأي تحقيق. من هنا أيضا لا اعتراض لدي على ركام المقولات والمقالات التي اتهمت الماس الكهربائي، والخلل الفني، وسلحفائية سيارات الإطفاء والإسعاف والدفاع المدني، وما إلى ذلك من أسباب، عادة ما تكون حاضرة في كل بلية تبتلى بها الديرة، بين حين وآخر، لكن جل ما قيل يتمحور حول كيف وقعت الواقعة وحدثت الجريمة، بمنأى عن طرح السؤال الضروري المهم حول: (لماذا) حدثت بهذه الصيغة الجهنمية الشيطانية؟

• وحين أطالب بالخبراء والمختصين بالطب النفسي، وعلم النفس والتربية، وعلم الجريمة، والفقه الإسلامي وغيرهم من المعنيين بالنفس البشرية الأمارة بالسوء لا أروم تبرير الجريمة والعياذ بالله، بل لحرصي على درء تكرارها وتواترها في أي محافظة من جغرافية دولة الكويت، لاسيما إذا تمكن «الكونستلو» المسلح بمعرفته وعدته وعتاده من كشف وفضح سوءة «عاداتنا وتقاليدنا» الذكورية الظالمة للمرأة والمنحازة لحضرة «سي السيد» وسي السيئ لا فرق!

والعبد لله موقن بأن يستحيل منع وقوع جريمة ما، لكن الاستجابة المنهجية العلمية المتكئة على خطة جامعة مانعة، يمكن أن تقلل من تواترها وتحتوي إمكانية تكرارها، وتدرأ مضارها وشرورها أما استجابة بعض النواب الذين اهتبلوا «مناسبة» وقوع الفاجعة لتسييسها؛ سعيا إلى كسب ود الناخبين، ورغبة في إبراء ذمتهم ووضع اللوم كله على كاهل الحكومة، فقد اتسمت بالمزايدة النشاز البين لكل ذي بصيرة!

لقد ولى ذلك الزمان الذي كانت الزوجة الأولى العتيقة: تقوم بنفسها باختيار الزوجة الثانية، والثالثة، والرابعة لبعلها وفحلها المصون! وغاب الرجال التقاة الحريصون على حضور العدل بين الزوجات والعصي على التحقق.. إن لم أقل الاستحالة كما نعته رب العالمين في محكم كتابه «ولن تعدلوا».

ومن هنا ثالثا: أزعم بأن ممارسة رخصة تعدد الزوجات بحاجة إلى ترشيد وتقنين واجتهاد يتوخى وضع آلية للعدالة المغيبة، وتدرأ عن المبتليات بالتعدد كل العذاب والظلم الذي يكابدنه من جراء ارتكابه وفق صيغة «السداح المداح» المحرضة للفحل على ممارسة المثنى والثلاث والرباع، كيفما ووقتما يشاء لمجرد أن بحوزته الرغبة والمال والسكن و»خيشة فياغرا»، وغير ذلك من المبررات اللا ضرورية، وكنت ألوذ بحضن الجهراء كلما ضاق صدري وبت الآن كما قال الشاعر:

كنت من كربتي أفر إليهم

فهم كربتي فأين الفرار؟!

back to top