احتلت قصة وفاة مايكل جاكسون الصدارة في التركيز الإعلامي العالمي على حساب قضايا أرفع أهمية وأشد حساسية وربما أكثر دموية، مثل أحداث إيران مثلاً، ليبرهن لنا أن ما يحتل صدارة الإعلام ويملأ الدنيا ضجيجاً قد لا يكون هو الحدث الأهم والأجدر بالانتباه والتقدير!

Ad

كانت مهمة وسائل الإعلام في السابق نقل أخبار الأحداث، ثم صارت مهمتها مع الأيام، في ظل تطور الأدوات والوسائل ودخول العنصر السياسي، صناعة أخبار الأحداث، حتى انتهى بعضها، وما أكثر هذا البعض، إلى احتراف مهنة «تلفيق» أخبار الأحداث، إلا أن هذه الجزئية الأخيرة، أعني تلفيق الأخبار، ليست هي موضوع مقالي اليوم بالرغم من كونها تستحق الحديث فعلاً، فعندنا من الصحف ما يمارس هذا الفساد الإعلامي بلا قطرة من حياء أو ذرة من خجل ودون أن يرف جفن الأخلاق لأحد فيها، ولكن لعلّي أكتب عنها يوماً ما.

ما أود الحديث عنه هو الجزئية التي سبقتها، وهو ما يمتلكه الإعلام اليوم من قدرة صارخة على أن يصنع من أتفه حبّة أعظم قبّة، ومن أن يحجب نور الشمس عن بقعة ما من الأرض لينير أخرى بل أن يغشي الأبصار فيها ولو بعود ثقاب!

من تابع كيف قامت شبكات الإعلام من خلال الفضائيات والإنترنت والمطبوعات بتسليط الضوء على قصة موت المغني الأميركي مايكل جاكسون، والعمل بشكل مبرمج مدروس على صناعة قصة كبرى من هذه الحادثة، تتجلى له هذه القدرة الإعلامية الضخمة لوسائل الإعلام على سرق الانتباه في اتجاه ما، وسحب البساط من تحت قدم قضايا إعلامية قد تكون أجدر بالانتباه والتركيز.

لا أتحدث إطلاقا عن مخطط أو مؤامرة مقصودة هنا، بقدر ما أحاول أن أضرب مثلاً لكيف سرقت هذه القصة مركز الصدارة في التركيز الإعلامي العالمي على حساب قضايا أرفع أهمية وأشد حساسية وربما أكثر دموية، مثل أحداث إيران مثلاً، ولكي أنبه القارئ إلى أن ما يحتل صدارة الإعلام ويملأ الدنيا ضجيجاً قد لا يكون هو الحدث الأهم والأجدر بالانتباه والتقدير!

بالفعل يا له من مرعب سلاح الإعلام، ويا له من رعب حين يقع بين مجانين وفاسدين وسراق، وبالأخص سراق المال العام!

***

الشيخ محمد بن راشد... حاكم دبي... الذي تعرفونه جميعاً، قائد نهضة دبي، النهضة التي تعرفونها جميعا أيضاً، والتي رقص كثير من حسادها طرباً حينما أصيب العالم بالأزمة الاقتصادية ظناً منهم بأن فقاعتها ستنفجر، لتثبت لهم دبي بأنها أقوى منهم جميعاً فتستمر في المضي قدماً بخطى أكثر ثباتاً.

الشيخ محمد بن راشد، افتتح موقعاً شخصياً على شبكة «الفيس بوك»، وهي شبكة تواصل عالمية تجمع مختلف الناس من مختلف الدول والثقافات والطبقات والألوان والأديان مع بعضهم بعضاً، بتواصل بشري حر مسالم.

محمد بن راشد رئيس مجلس وزراء دولة الإمارات، الذي يقدر على أن ينشىء أضخم مواقع الإنترنت وأكبرها، ولديه موقعه الخاص أصلاً، بل لديه عشرات المواقع التي تخدم حكومته وسياسته وتوجهاته، قرر أن يفتتح موقعاً خاصاً له على «الفيس بوك» ليقترب من الناس، وليتحاور معهم وليسأل أبناء الإمارات سؤالاً يستشيرهم فيه: متى تريدون بداية العام الدراسي؟ في موعده المقرر في شهر رمضان أم بعد إجازة العيد؟!

لن أعلق أكثر على محمد بن راشد وما يقوم به، فلا أريد أن أسبب آلام الأمعاء والمغص لأحد من جماعتنا، لكنني سأشير إلى أن هذا السؤال، أعني السؤال عن موعد بدء الدراسة، لايزال عندنا سؤالاً لا يحق لأحد أن يتخذ فيه قراراً إلا هيئة الأركان العامة وقيادة القوات في وزارة التربية، فمثل هذه الأمور عندنا ليست لعامة الشعب!