قوانين اللحظة
أعتقد أن لدينا مشاكل في اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لابد من تلافيها، وأعتقد أن حلاً لهذه المشاكل سيغني عن تعديل الدستور لو خلصت النوايا واتفق المجلس والحكومة على الإخلاص للنظام الديمقراطي.
نحن بعد نصف قرن تقريباً بحاجة إلى تعديل اللائحة على ضوء الممارسات النيابية والإخفاقات التي مر بها المجلس نتيجة للإخلال باللائحة، وما التعديل الذي يتم على القوانين في اللحظة الأخيرة وعند المداولة الثانية له إلا جزء من هذا الخلل.حين يقبع قانون العمل في أدراج المجلس سنوات طويلة وتتدارسه اللجنة المختصة وتبدي كل الأطراف آراءها بالقانون وتقدم اللجنة مشروع القانون بمسودته الأولى للمجلس بعد أخذ آراء منظمات أصحاب العمل والعمال والخبراء بهذا الشأن، فإن هذا يعني أن اللجنة تقدم القانون وعندها كل الدعم لإقراره. وبعد القراءة الأولى يعود القانون إلى اللجنة لدراسة مقترحات النواب وتعود إلى المداولة الثانية لإقراره، فإن المفترض ألا يعدَّل على القانون، وإن جاء مَن يطالب بتعديل فإن المفروض أن يعاد إلى اللجنة مرة أخرى لبحث مدى جدية وأهمية وأثر التعديل الجديد على مجمل مواد القانون وربما النظر في تكلفته على أصحاب العمل، أو أي تأثير سلبي على العمال لم يحسب له أي حساب، لكن المصيبة أن التعديلات الطارئة تقر من قبل المجلس من دون أي دراسة بما له أو عليه نتيجة لتعديل لم يحسب له أي حساب. وفي قانون الخصخصة جرى نفس الشيء، فبعد أن نوقش باللجنة المختصة وقرئ في المداولة الأولى جاء شاطر يعرف من أين تؤكل الكتف، وخطط للوقت المناسب، وأضاف شرط الالتزام بالضوابط الشرعية، وطبعاً «لا حكى الشرع الكل ياكل تبن» فرفعت الأيدي ودخل التعديل دون أن يحسب لنتائجه أي حساب.أي نعم إن هذا الشرط لم يعد ذا قيمة بعد أن وجد الجميع في الضوابط الشرعية فرصة مالية لا تعوض، وقد اتخذها الجميع تغطية لأعمال لا علاقة لها بالشرع مادام الناس بهذه البساطة، ويمكن «ينضحك» عليهم بهذا الشرط فلمَ لا؟ لكن إذا لم ننتبه، فإن دولة «طالبان» ستتكرر عندنا لا بمضمون الدين الصحيح، ولكن بعقد التطرف والتأخر ونبذ الآخرين وإلغاء كل ما يمت للعصر الحديث بصلة.إن لائحة مجلس الأمة لابد أن تعدل لتمنع مثل هذه التصرفات، بحيث لا يظهر علينا قانون اللحظة ويكبلنا ويكبل الدولة في قيود نحن في غنى عنها. ضربت مثالين فقط ولكم أن تتصوروا كم قانوناً طبق علينا صدر بهذا الشكل؟!فمن يعلق الجرس؟!