على نغم الوشيحي : 
«مطير... شنو ما هذا؟»

نشر في 05-07-2009
آخر تحديث 05-07-2009 | 00:01
 د. ساجد العبدلي قرأت مقال الصديق والزميل محمد الوشيحي الذي كتبه منذ أيام «مطير... شنو ما هذا؟» وأعترف بأني وبالرغم من تكرار القراءة عدة مرات عجزت عن وضع يدي باطمئنان على الرسالة التي أراد زميلي العزيز إيصالها. نعم كان بإمكاني أن أخمن، كما فعل مَن علقوا على المقالة، ولكنني وجدت أن كل تخمين يمكن أن يحتمل عكسه بدليل من المقال نفسه!

المقال الصحفي، مقال وظيفي، أي أنه يأتي وقبل كل شيء لهدف إيصال رسالة، وبعد ذلك يأتي هدفا الإبداع والإمتاع، فإن لم يفلح الكاتب في تحقيق الهدف الأول الذي هو وظيفته الأساسية، فحينئذٍ لن يفيد الإبداع ولا الإمتاع، لأن القارئ، حتى إن استمتع، سيخرج من المقال إما ليتساءل: ماذا أراد الكاتب؟ وإما أنه، وهذا أخطر، سيخرج برسالة خاطئة قد تكون عكس المقصود أصلاً، ولن يحق للكاتب أن يقول وقتئذٍ: لقد فهمتموني خطأً، أو ليس هذا مقصدي، فقد كان لزاماً عليه هو أن يحرص على وصول رسالته بوضوح دون لبس، وليس له أن يتهم قدرة القارئ على الاستيعاب أو الفهم!

الزميل الوشيحي مبدع ممتع، وهو ليس بحاجة إلى شهادتي أو إلى شهادة أحد في هذا الصدد، فتصدر ما يكتبه لقائمة المواد الأكثر قراءة يشهد له بذلك، ولكن السؤال الأهم، هل تصل رسائله بشكل صحيح دائماً؟! أعتقد أنه يمكن أن نجد إجابة عن هذا السؤال بالنظر إلى مقالته «مطير... شنو ما هذا؟» فقط كمثال، وهي مقالة سببت حساسية كبيرة، وخرج كل قارئ منها بانطباع مختلف، وصل بعضها إلى حد التناقض، وليس أوضح دليلاً على ذلك من أن يرى بعض القراء أنه قد مدح قبيلة مطير إلى حد المبالغة، وأن يراه البعض الآخر قد أساء إليها إساءة بالغة وأهانها!

على أي حال، لا أظن ما ذهب إليه البعض من أن الوشيحي كتب كل المقال لمجرد أن ينتقد النائب الفاضل محمد هايف، فمن يعرف الوشيحي حقاً يعرف أنه شجاع، إلى حد التهور أحياناً، ولا يحتاج إلى الدوران كل هذه المسافة ليقول هذا، ولكنه أسلوبه الملون دائما وأبداً، والذي قد تختلط ألوانه أحياناً كثيرة فيصعب تمييزها.

أود الآن، وهو الأهم بالنسبة لي، أن أتوقف عند الفكرة الجوهرية التي أظن أني وضعت يدي عليها في مقال الوشيحي، وهي أن ينسب نجاح وتميز الأسماء التي وردت فيه لكونها من أبناء قبيلة مطير، وهذا ليس صحيحاً.

مَن ذكرهم الوشيحي لم ينجحوا أو يتميزوا لأنهم من مطير، فنجاح المرء ليس مرهوناً بجيناته وعرقه (بكسر العين) ورابطة الدم الذي يجري في عروقه، لأننا لو قبلنا هذه الفكرة، فلزاماً أن نقبل أيضاً وجه عملتها الآخر، فنجدنا مضطرين لأن نقول إن عشرات الفاشلين والسيئين ومرتادي السجون وباعة الذمم من هذه القبيلة أو تلك، سواء مطير أو غيرها، قد أصبحوا كذلك أيضا بسبب جيناتهم وعرقهم ودمائهم، وهذه كارثة إن نحن آمنا بها حقاً!

كل قبيلة وعشيرة وعائلة تحتمل أن يكون فيها الجيدون والأقل جودة، والشرفاء ومن هم دون ذلك، والناجحون ومَن لم ينجحوا، ولا علاقة لذلك بجيناتهم ولا بأصلهم، وإنما بجدهم واجتهادهم وطموحهم وعزيمتهم، أو بكسلهم وخمولهم ورداءة تفكيرهم. الآن مثلا، وفي هذه اللحظة، تمر في مخيلتي عشرات الأسماء من الناجحين الشرفاء من الكويتيين، من كل القبائل، ومن كل العوائل، من السُنّة والشيعة، وكذلك من الفاشلين السيئين، فالنجاح والعطاء والإخلاص لم يكن يوماً حكراً على أحد، كما هي الرداءة والدناءة والسوء!

كل التقدير والحب لكل الناجحين الشرفاء من أهل الكويت الطيبين طائفة طائفة، قبيلة قبيلة، عشيرة عشيرة، عائلة عائلة، بيتاً بيتاً، وكل التقدير طبعاً للزميل الجميل محمد الوشيحي.

back to top