سري للغاية

نشر في 06-12-2009
آخر تحديث 06-12-2009 | 00:00
 سعد العجمي غالبا ما يروج المنتقدون لمجلس الأمة والمكفرون بالديمقراطية، بأن فساد المؤسسة التشريعية متمثلا في بعض أعضائها هو ما يجعلهم يذهبون بعيدا في مواقفهم المتطرفة حيال المؤسسة البرلمانية إلى درجة وصلت ببعضهم إلى المطالبة بتعليق أعمالها.

لا يختلف اثنان على أن هناك أوجه فساد في المجلس، سواء كشخوص أو حتى ممارسات، وإن بقي أكثرها في إطار الكلام دون وجود إثباتات رسمية دامغة تدين الفاسدين، فإن الفرصة اليوم أصبحت مواتية لوضع نقاط الحقيقة على حروف الفساد لكشفها أمام الأمة والرأي العام.

الحكومة حرة في مواقفها التي تتخذها تجاه التعامل مع استجواب رئيس مجلس الوزراء تحديدا، لكن الغريب أن بعض النواب والكتّاب وعدد من وسائل الإعلام صموا آذاننا خلال الفترة الماضية بالحديث عن الفساد والتمصلح النيابي، ويوم أن بات كشف ذلك ممكنا، وجدناهم أشرس المقاتلين في خندق «السرية».

محور الشيكات على وجه الخصوص في استجواب فيصل المسلم لا يتعلق بسمو الرئيس وحده، بل بنواب انتخبتهم الأمة لتمثيلها، ومن حقها معرفة الحقيقة لمحاسبة من صوتت لهم، فأنا كناخب سأذهب إلى صندوق الاقتراع في الانتخابات المقبلة للتصويت لمن سيمثلني، وعليه فأنا سأكون بمنزلة الحكم، فبأي حق يتم حجب المعلومة عني كناخب وأنا من سيحاسب وسيختار في النهاية.

إن تغييب الحقيقة عن الرأي العام قد يخلط الأوراق، ويخدم أجندات ومصالح البعض، فمن السهل على من قبض أن ينكر، ومن السهولة بمكان أيضا أن يستغل من امتهن «فجر الخصومة» سرية الجلسة في تلفيق التهم على الشرفاء، لأن تلك النوعية تملك آلة إعلامية هادرة باعت شرف المهنة والضمير بأبخس الأثمان، لا سيما أن ممارساتها خلال الفترة الماضية قد نجحت نوعا ما في خلق أجواء من التشويش قد تجعل رجل الشارع العادي يصدق كل افتراء تتبناه.

كما أن الحديث عن «سرية السرية» عبر استخدام المادة 110 من اللائحة الداخلية بحيث يتحول التصويت على سرية الجلسة إلى تصويت سري أيضا، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الذين سيصوتون مع الحكومة اتخذوا هذا الموقف وهم غير مقتنعين، وهذه سقطة ستسجل في تاريخهم السياسي، إن كان لهم تاريح سيذكر في الأصل.

قد، وأقول قد، نجد للبعض عذرا في الموافقة على تحويل الجلسة إلى سرية، لكن «سرية» التصويت على ذلك أمر ينطوي على جبن وخوف وعدم قدرة على مواجهة الناخبين والشارع من قبل أي نائب سيوافق على ذلك، بل إنه بالنسبة لنا سيكون في دائرة الشبهات حتى لو كان غير ذلك.

موضوع الشيكات لا علاقة له بالأمن الوطني، ولن يسيء إلى علاقتنا الدبلوماسية مع دول شقيقة أو صديقة، ولن يتطرق للحالة المالية للدولة، وليس مرتبطاً بإبرام صفقات عسكرية مع دولة ما، بل هو شأن داخلي بحت بين طرف دافع وآخر قابض، ليمكن للشعب أن يعرف الحقيقة كاملة دون رتوش أو تأثير أو تزوير، لأننا كمواطنين وناخبين من يملك الحق في الحكم على كل الأطراف، فلا تحجروا علينا معرفة من باع ومن اشترى، إن كان ذلك قد حدث بالفعل، وإلا فإنكم جميعا ستكونون في دائرة الشك إلى ما شاء الله.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top