خذ وخل: إلى متى تواتر الخطاب السامي؟!


نشر في 16-09-2009
آخر تحديث 16-09-2009 | 00:01
 سليمان الفهد • سؤال غير بريء: ما معنى تواتر وتكرار القضايا والهموم والتحديات الوطنية في الخطاب السامي للعشر الأواخر في رمضان الكريم؟! بل ما معنى أن يصرح أغلب النواب بتثمين الخطاب والثناء عليه بلسان حال «آمين» وصح لسانك ياصاحب السمو، وما إلى ذلك من الأقوال التي تقال «بالمناسبة» لمجرد إشهار موقف صوتي لتبرئة الذمة، وربما لذر الرماد في العيون التي تراقب ما يجري في البلاد وللعباد؟! فإذا كان أغلب النواب والكتاب والقيمين على الحكومة والصحافة، فضلا عن عامة الناس وخاصتهم، يرددون بدورهم قولة «آمين» دلالة على موافقتهم وتثمينهم لما ورد في خطاب سموه حفظه الله، أقول: إذا كان ذلك على النحو الذي ذكرناه، فكأن الجميع- حكومة وبرلمانا وأهالي- أبرياء، ولا يعنينا ما ورد في الخطاب من ملاحظات ونصائح ومحاذير ومواعظ وعبر وكل ما له صلة بالتحديات الجسام التي تجابه البلاد والعباد، وتجثم على صدريهما بصيغة تنفي الحراك والفعل والتنمية المنشودة «الحرون» التي طال أمد حضورها! لاسيما «أن خطاب صاحب السمو منهاج عمل، والعبرة بتجسيد مضامينه السامية إلى أفعال، وعدم الاكتفاء بترديد عبارات المديح دون تدبر المقاصد التي ينطوي عليها الخطاب» كما عبرت- بحق- النائبة الدكتورة معصومة المبارك.

• فها هو صاحب السمو يقول بصريح العبارة: «استبدلوا الجدل بالعمل، والتفرقة بالتكاتف، والخلاف بالتسامح، وليكن رائدنا في حب الوطن: العمل المخلص والفعل الصادق...» ولعل مشروع القانون الذي تدرسه اللجنة التشريعية البرلمانية بشأن تجريم من يمس الوحدة الوطنية، ويسعى إلى تقويضها بالسجن لمدة سنتين أو غرامة تبلغ 20 ألف دينار يمثل استجابة فاعلة سوية تتحدى الخشية على الوحدة الوطنية، والتي عبر عنها سموه قائلا: «آلمني ما قرأت وتابعت وسمعت من تصنيفات وتقسيمات لأبناء الوطن، وإثارة النعرات الطائفية والقبلية».

والإشارة الأخيرة تخص- بداهة- رجال الإعلام ووسائل الاتصال كافة، لأن العديد منها بات الفضاء الذي تنعق فيه غربان التفرقة بين أبناء الشعب الواحد بدعاوى مذهبية وقبلية وعرقية و»فلكلورية» تتصل ببدعة الكويتي بالتأسيس والآخر بالتجنيس! على الرغم من مسلمة أن الوطن للجميع، وكون المواطنة لا تنقسم على اثنين، فالمواطن إما أن يكون كذلك وإما لا يكون.

ومن هنا أحسب بل أجزم أن صحيفة «القبس» قد أحسنت صنعا حين بادرت بمنع صحافة التلاسن المثيرة للفتن والنعرات من الحضور على صفحاتها، والمنحى حري بالتأسي، لاسيما أن صحافة التلاسن، أصبحت موجودة في جل الصحف الكويتية، ولله الحمد! وصحافة التلاسن تنفي السجال الفكري الذي يستهدف مناقشة الأفكار، وتحل محله «الردح» والهجاء الشخصاني الشوارعي الطافحين بالسباب والمثالب الشخصية وما إلى ذلك من «أدبيات» صحافة التلاسن التي حذر من تواتر وجودها سموه مرارا وتكرارا في خطاباته السامية المتعاقبة، والحق أن الخشية تكمن في اضطرار سموه إلى اللجوء عنوة وقسرا لاتخاذ القرار الذي لا يرغب فيه ولا يتمناه، كما أعلن ذلك صراحة، ومن هنا فإن الغيورين على دولة المؤسسات وتواصل التجربة الديمقراطية، وكل المنجزات التنموية إياها، عليهم الانعقاد حول كلمة سواء لمناقشة سبل ترجمة الخطاب الأميري إلى خطط وممارسات وأفعال تخرج بالبلاد من «السكة السد» التي تراوح فيها لا تريم! فضلا عن تقويضها لدعوة ومساعي الرافضين لدولة المؤسسات والخيار الدستوري الديمقراطي.

back to top