خلافاً لما هو مفترض، يفرضه الجوار والتاريخ المشترك فإن إيران أحمدي نجاد تواجه مخاوفها من ضربة إسرائيلية أو أميركية متوقعة بالضغط على أطراف أصابع دول الخليج العربي "الشقيقة" وزرعها بالخلايا الإرهابية النائمة والمستيقظة، وهذا ما تؤكده الشبكات الاستخبارية التابعة لحراس الثورة التي يتواصل اكتشافها في البحرين والكويت وفي دول خليجية أخرى، تفضل أن تلوذ بالصمت إزاء وجعها تحاشياً للمزيد من تردي العلاقات مع الجارة المسلمة الشقيقة.

Ad

إنه على إيران، التي خلافاً لما قالته بعد انتصار ثورتها في عام 1979، تسعى إلى وراثة الشاه محمد رضا بهلوي في دور شرطي الخليج، بدلاً من هذه الاستفزازات المتلاحقة لـ"أشقائها" في الخليج العربي وفي اليمن وفي لبنان وفي فلسطين أن تبادر، لمواجهة التهديدات الإسرائيلية والأميركية لها، إلى تحسين العلاقات مع هؤلاء الأشقاء، بل مع العرب عموماً، انطلاقاً من المثل القائل الذي يعرفه المعممون الإيرانيون: "أنا وابن عمي على الغريب...!".

لماذا هذه التصرفات الإيرانية الطائشة، إذ في كل يوم تكتشف دول الخليج العربي خلايا نائمة ومستيقظة لحراس الثورة وفيلق القدس، وبدلاً من السعي إلى كسب كل أهل هذه المنطقة وكل مكوناتها المذهبية والطائفية والأثنية تلجأ إيران إلى دفع حزب الله إلى إثارة الفتن في لبنان، ودفع "حماس" إلى تسميم الواقع الفلسطيني، ودفع الحوثيين وغيرهم إلى إثارة المشاكل في اليمن المستهدف بوحدته والمستهدف من القاعدة والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معها...؟!

وهذا يعني إما أن إيران أحمدي نجاد تلعب لعبة سرِّية مع إسرائيل والولايات المتحدة لتمزيق هذه المنطقة لتقاسمها وفق معادلة ثلاثية إيرانية – إسرائيلية – أميركية يُستثنى منها العرب الذين من المفترض أنهم أشقاء الإيرانيين وشركاؤهم في الدين والحضارة والتاريخ، أو أن كل ما في الأمر أن حال هذه القيادة التي انتهت إلى يدها مقاليد الأمور كحال ذلك الرجل الذي لا يجد ما يرد به على من يتمادى في إهانته في الخارج إلا بالعودة إلى بيته لينتقم من زوجته وأطفاله.

إنه ليس في مصلحة الشعب الإيراني، الذي لا يزال العرب يعتبرونه شعباً شقيقاً بل أقرب الأشقاء إليهم، أن يتمادى أحمدي نجاد في زعزعة أمن هذه المنطقة بحجة مقتضيات مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأميركية لبلاده، فمواجهة هذه التهديدات تفترض المزيد من تعزيز علاقات حسن الجوار مع الدول العربية، وتفترض وقف كل هذه الاستفزازات التي يقوم بها حزب الله في لبنان، والتي تقوم بها "حماس" في الساحة الفلسطينية، ويقوم بها الحوثيون في اليمن "السعيد".