انقلاب على قمة الكويت!
ما يجري في لبنان يدل على أن الذين يديرون الأحداث المتلاحقة الخطيرة هناك، ويوجهونها نحو الانتقام مرة أخرى، بعد اغتيال رفيق الحريري، من فئة معينة من اللبنانيين قد انقلبوا على ما تحقق في قمة الكويت الاقتصادية التي بمجرد انعقادها تحولت إلى قمة سياسية كان إنجازها العظيم انتزاع فتيل أزمة عربية - عربية طاحنة كانت على وشك انفجار لو حدث لكانت المنطقة تعيش الآن كارثة تاريخية حقيقية.قبل أن يبادر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الترفع والتسامي فوق الإساءات، التي وجهت إلى المملكة العربية السعودية وإلى دول عربية أخرى مصنفة على خط الاعتدال، ويرفع شعار "عفا الله عما سلف"، كان الواقع العربي مأساوياً جداً، وكانت كل التقديرات تشير إلى أن مصير قمة الكويت الاقتصادية سيكون أسوأ من مصير قمة الدوحة السياسية، وكان العالم ينظر إلى هذه الأمة على أن الله ابتلاها بالتشتت والفرقة والتنابز، وأنها تتغنى بالوحدة في الوقت الذي كل دولة منها تغرس رأس خنجرها في خاصرة شقيقتها.
لكن بعد هذه المبادرة الخيرة، التي من غير الممكن أن يبادر إليها إلا قائد عظيم يغلب مصلحة الأمة على المصالح الخاصة، سادت قناعة مستجدة بأن العرب حتى وإن اختلفوا فإن خلافهم هو خلاف الأشقاء وخلاف أهل البيت الواحد، وقد تعززت هذه القناعة بعد سلسلة المبادرات اللاحقة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين وخصوصاً تجاه الأزمة اللبنانية.والآن، إذ يحصل هذا الذي يحصل فإنه يعني الانقلاب على كل ما أنجزته قمة الكويت، ويعني إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، والعودة بلبنان إلى أجواء ذلك اليوم الأسود، الذي قامت فيه ميليشيات حزب الله باجتياح بيروت الغربية، والعودة بالوضع العربي إلى سياسة الخنادق المتقابلة والمحاور المتقاتلة.فمن يخدم هذا الذي جرى؟ ولماذا يستهدف، وعلى هذا النحو، مشروع المصالحة العربية التي رغم قصر الفترة فإنها حققت إنجازات ملموسة يمكن وصفها بأنها عظيمة؟ ألا يشكل هذا خدمة لإسرائيل وخاصة في هذا الوقت بالذات، وأيضاً خدمة للمشروع الفارسي الإيراني المعروف الذي تسعى إليه بعض القيادات الإيرانية، التي تعتقد أن نجاح مشروعها الإقليمي متوقف على المزيد من التمزق العربي والمزيد من الفرقة العربية - العربية؟