الكل يتحدث هذه الأيام عن الثورات الشبابية التي تقود التغيير وسبل حمايتها من الثورات المضادة، والتي تستهدف الضبابية في الأهداف والرؤى والتراجع في مؤشرات حماية الحقوق المدنية، ولو أخذنا منطقة الشمال الإفريقي وعلى الأخص مصر وليبيا كمثال، لوجدنا أن مرحلة التغيير انطلقت لكن التردد في صيانتها والحفاظ عليها مازالا الهاجسين الكبيرين، ومازال الخوف يكمن في انتشار قوى «البلطجة» وانطلاق قوى الشر، حيث تفرض أقلية إرهابها على الأكثرية؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى انقياد البلاد إلى متاهة وإلقاء ظلال ثقيلة على الغد، وإعاقة الانتقال السلس للديمقراطية، مما يلقي على الإدارة الدبلوماسية أيضا، تحمل مسؤولية التغيير والتجديد للاستعداد للعب الدور المناسب.

Ad

فالمتابع للمسار الدبلوماسي في التعامل الدولي للملف الليبي على سبيل المثال، لا بد أن يتوصل من خلال التباين في المواقف الدولية إلى حقائق، أقول ذلك بعدما ظهرت اختلافات وجهات النظر تحت قبة الأمم المتحدة، وعلى طاولة مجلس الأمن، حول فرض الحظر الجوي على ليبيا، وذلك باعتراض الصين وروسيا، أما التباين في المسار الدبلوماسي الأوروبي فقد اتضح قبل انعقاد قمة بروكسل حين قرر الاتحاد فرض حزمة من العقوبات ضد نظام العقيد الفذافي؛ إلا أن وزراء خارجيته اختلفوا وانقسموا ولم يتمكنوا من التوصل إلى أي اتفاق حول الاعتراف بالمجلس الانتقالي في ليبيا وشرعيته.

فقرار فرنسا الاعتراف بالمجلس الانتقالي والتعامل مع الانتفاضة الليبية قوبل بالرفض من دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، وعلى الأخص ألمانيا التي ألغى وزير خارجيتها أي مقترح خارج نطاق العقوبات التي تقررت، والذي أشار إلى أنه يجب أن يحظى بموافقة مجلس الأمن الدولي، واشترطت ألمانيا دعم «الشركاء» في الدول العربية لأي خطوة عسكرية ومشاركتهم أيضا!! في الوقت الذي تعبر فيه الكثير من وسائل الإعلام عن تخوفها من أن تصبح أوروبا طرفا في حرب أهلية.

أما اللاعبات الرئيسيات في الملعب الأوروبي بعد فرنسا فهي ألمانيا وإسبانيا وبريطانيا التي أعلنت حكومات بلادها التريث في اتخاذ القرار قبل الاعتراف بالمجلس الانتقالي، وذلك لأنها، على حد تعبير وزير الخارجية الإسباني، تعترف بدول وليس إدارات.

واليوم، والجميع يبحث في الخيارات المطروحة، نتساءل: هل لدينا كعرب آلية لتحديد ما إذا كانت هناك أدلة واضحة على جرائم ترتكب في ليبيا؟ وإلى متى تفتقد المنظمات العربية الآليات لرصد سبل انتهاك حريات المدنيين في الدول العربية؟ وتستمر في مجاملات الأنظمة القاسية تجاه شعوبها حتى يصل الأمر إلى التدخل الدولي؟ لذلك نحن بحاجة إلى تجديد النهج الدبلوماسي ليصبح داعما للحقوق متمشيا مع المطالبات الشبابية في الوطن العربي.

وفي ظل حبس الأنفاس تجاه ليبيا لم تخل المنظومة الأمنية الأطلسية «الناتو» من استراتيجية وشروط للتدخل، حيث جاءت كلمة السكرتير العام قبل عدة أيام معلنة الشروط الثلاثة للتدخل العسكري، ألا وهي بلوغ الوضع الليبي مرحلة «الكوارث الإنسانية»، أما الشرط الثاني فهي وجوب وجود قاعدة قانونية وتفويض من مجلس الأمن الدولي، ويأتي الشرط الثالث ليطلب الحصول على الدعم من دول المنطقة.

ونعود لنتساءل بعد ذلك: متى ستدرك الدول العربية أن الأحداث السريعة تتطلب احتراف إدارة العلاقات وقيادة الحوار المباشر لدخول الدوائر السياسية والدبلوماسية طرفا في القرار الدولي، والاستعداد للعب دور جديد في المنطقة؟ فهل سنرسم صورة عربية جديدة ترصد انتهاكات حقوق المدنيين؟ أم أننا سنستمر في الدوران في فلك المؤتمرات والتصريحات المكررة؟

كلمة أخيرة: وبعيدا عن السياسة، أمامي مشروعان لتخفيف الوزن: الأول من وزارة الصحة أي «ريجيم حكومي»، والثاني من إحدى العيادات الخاصة، وفي الفترة القادمة أعزائي القراء سأوافيكم بالنتائج!! فهل تنتصر الاسترتيجية الحكومية في الحمية الغذائية أم استرتيجية القطاع الخاص؟

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة