«14 آذار» استعادت زمام المبادرة السياسية والإعلامية و«حزب الله» اختار الدفاع بالهجوم على «بيروت منزوعة السلاح»
نجحت قوى 14 آذار خلال الأسبوع الماضي في استعادة زمام المبادرة السياسية والإعلامية من حزب الله، على أثر اشتباكات برج أبي حيدر، من خلال رفع شعار بيروت منزوعة السلاح غير الشرعي. وقد اضطر حزب الله تحت وطأة "الترحيب" الذي لقيه هذا الشعار في الأوساط الشعبية والاقتصادية والسياسية وصولاً الى الرئيس الأسبق للحكومة سليم الحص المعروف بتعاطفه مع حزب الله، وباختلافه السياسي مع تيار المستقبل، إلى الانتقال إلى مرحلة الدفاع بالهجوم على رئيس الحكومة سعد الحريري من خلال عناوين عدة، أبرزها:1 - اتهام الحريري بالتحرك فئوياً بخلفيات سنّية، من خلال تفقده ساحة الاشتباكات في برج أبي حيدر، بدل التصرف من موقعه كرئيس لحكومة الوفاق الوطني على قاعدة أن من لم يتفقد أضرار العدوان الاسرائيلي في الضاحية والجنوب عام 2006، لا يحق له تفقد أضرار الاشتباكات بين حزب الله والأحباش في بيروت عام 2010. علماً أن الحريري يومها لم يكُن رئيسا للحكومة، ولم تكُن مسؤولياته النيابية تفرض عليه مثل هذه الجولات، خصوصاً أنه كان مع غيره من نواب الأكثرية وقياداتها السياسية يتخذ تدابير احترازية تلافياً للاغتيالات التزم معها منزله أشهراً طويلة.
2 - محاولة احتواء نقمة الناس بالإعلان بعد اجتماع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس جمعية المشاريع الشيخ حسام قراقيره، عن لجان لمسح أضرار الاشتباكات والتعويض على المتضررين وترميم الأبنية والمؤسسات والصروح التي أُصيبت في الاشتباكات. 3 - ربط شعار "بيروت منزوعة السلاح غير الشرعي" بالمصالح الإسرائيلية والدولية، في محاولة للحد من تجاوب الرأي العام اللبناني والمجتمع المدني مع الشعار، خصوصاً في ظل بروز دعوات لتكون العاصمة بيروت منطلقاً للوصول الى "لبنان منزوع السلاح غير الشرعي".4 - الهجوم على رئيس الحكومة سعد الحريري بخلفيات إقليمية على علاقة بموقفه المؤيد للمفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية برعاية أميركية ومشاركة مصرية وأردنية، في افتتاح المفاوضات في الولايات المتحدة الأميركية. وقد حاول حزب الله تصوير موقف الرئيس الحريري وكأنه موقف متفرد ومعزول، متناسياً الغطاء الذي تؤمنه الشرعية العربية ممثلة بجامعة الدول العربية التي يشكل لبنان أحد أعضائها المؤسسين للمفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية تحت سقف المبادرة العربية للسلام. وبدا الحزب في هذا الموقف وكأنه يدغدغ سورية في محاولة لاستمالتها الى موقفه الضاغط على رئيس الحكومة سعد الحريري للتخفيف من وطأة التفاهم السعودي- السوري بمنع التفجير في لبنان على مصالح حزب الله وخياراته باللجوء الى السلاح لفرض أمر واقع يقلب المعادلات والتوازنات السياسية القائمة على أرض الواقع، سواء من خلال الحكومة، أو من خلال المؤسسات الدستورية الأخرى.5 - تلويح الحزب من خلال الإعلام القريب منه إلى اتجاه لديه بإعادة تفعيل طرح محاكمة "شهود الزور" على طاولة مجلس الوزراء، من دون انتظار الجواب القانوني لوزير العدل إبراهيم نجار على ما كلفه به مجلس الوزراء في جلسة سابقة، والتعاطي مع مسألة "شهود الزور" بخلفية إعلامية – دعائية - سياسية، على غرار القرائن المتلفزة التي قدمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مؤتمره الصحافي قبل نحو ثلاثة أسابيع، بعيداً عن المتطلبات التي تفرضها المعايير القانونية الدولية.ويرى المراقبون في ضوء هذه المعطيات، أن قوى 14 آذار، وإن كانت في وضع لا يسمح لها بفرض تطبيق شعار "بيروت منزوعة السلاح غير الشرعي" على أرض الواقع، فإنها نجحت حتى الآن في استنهاض الرأي العام والمجتمع المدني ليصبح حالة سلمية اعتراضية في مواجهة السلاح، في خطوة استباقية من شأنها أن تؤمن الحد الأدنى من مقاومة أي تحرك عسكري جديد لحزب الله مشابه لـ7 مايو 2008.