الحوار... حليفكما الأول

نشر في 09-04-2011 | 00:00
آخر تحديث 09-04-2011 | 00:00
طالما شكّل الحوار والإصغاء وسيلتين أساسيّتين للتفاهم والتواصل بين الناس. الأهل مثلاً، يتخذونهما سبيلاً إلى كسب ثقة أولادهم والتّقرّب منهم وإرشادهم إلى الطّريق الصّحيح، بينما تُبنى عليهما العلاقة الزّوجيّة الناجحة سعياً إلى التّفاهم ومشاركة الآراء والقرارات لحل شتى المشاكل اليوميّة.

لا يستطيع المرء العيش بمفرده، لذا يحتاج إلى التّحاور مع غيره والتّعبير عن آرائه ومشاعره، وإلى مَن يشاطره مشاكله ليشعر بالرّاحة والاطمئنان. فعندما نتحاور نعبّر عن أنفسنا ونتشارك كل خبرتنا الحياتية وبيئتنا الأسرية والتربوية. فضلاً عن ذلك، يعكس الحوار شخصيتنا وأفكارنا وطموحاتنا. إذًا، لا يُعدّ الحوار أداة تعبير «لغوي» فحسب، بل أداة للتعبير عن والنفس أيضاً.

مثلاً، يسعى الزوجان إلى التفاهم والانسجام وتحقيق المودة والحب عبر الحوار والتواصل، على رغم أن موضوع الكلام قد يدور أحياناً حول تفاهات وسخافات لا تتطلّب أي نقاش.

من الضروري أيضاً أن يعبّر الزوجان عن حبّهما بالكلام لا بالصمت، لأن الحب يحدّ من المشاكل والخلافات الزوجيّة. لكن نجد غالباً أن غالبية الزوجات يشتكين من صمت الأزواج. فيفسّرن ذلك بأن الزوج يتهرب من مشاركتهن همومه أو بأنه لم يعد يكنّ لهن المشاعر ذاتها.

في هذا المجال، لا بد من تأخذ الزوجة في الاعتبار بأن الزوج يرجع أحياناً إلى البيت مرهقاً بعد يوم عمل شاق. فلا يرغب في التحدّث إليها أو مشاركتها المشاكل التي يواجهها في العمل. وقد يصل به التّعب أحياناً إلى عدم الإصغاء إلى أحد حتّى أولاده.

طبعاً، لن يرغب الزوج في الاستماع إلى مغامرات زوجته في السوق، كالتبضّع أو شراء المجوهرات، لأن الرجل بطبيعته لا يكترث الى تلك الأمور ويعتبرها سطحيّة وسخيفة. لكن عليه أحياناً الإصغاء الى زوجته، على رغم بساطة الموضوع، كي يشعرها أنّه ما زال يحبها ويهتم لأمرها.

خلافات

لا شكّ في أن العلاقة الزوجيّة لا تخلو من الخلافات الناتجة من ضغوط العمل والمشاكل العاطفية والأسرية والصحية، لذا من الأفضل أن يتحاور الطّرفان دائماً للتعبير عن انزعاجهما وقلقهما ولمحاولة التوصّل إلى حلول لمشاكلهما سويّاً، حتى ولو كانت عاديّة أو صغيرة.

يؤكد خبراء علم النفس، ضرورة أن يتشارك الزوجان المواضيع الخاصة بهما، لأن كل كلمة يتلفظ بها أحدهما تؤثر في شريكه. فتُشعر الكلمات البسيطة الآخر بأنه محور اهتمام، وتضفي طابعاً مميزاً على العلاقة. كذلك، تساهم في تخفيف التوتر. إذاً، يساعد الحوار، مهما كان بسيطاً، في زيادة الإحساس بالدفء والترابط والحنان في الحياة الزوجية.

علاوة على ذلك، ينبغي على الزوج الذي يريد إنجاح الحوار أن يتفهم حاجة الزوجة الى الكلام وإلى أذن صاغية، فالمحاور الجيد يجب أن يكون أيضاً مصغياً جيداً.

أما الزوجة، فيلزم ألا تضغط على زوجها ليفصح لها عن مكنونات قلبه حين تُلاحظ أنه غير مستعد للحديث، وألا تتسرّع إلى تفسير ذلك الموقف كما يحلو لها.

تكتسب الصراحة التامة أهمية كبرى في الحياة الزوجية، فهي شرط أساسي في هذه المؤسسة، التي لا بد من أن تقوم على الصدق والحقيقة المطلقة، ويُستحسن الابتعاد عن الانتقاد المباشر الحاد، وتجنّب المقاطعة أو السخرية أو الاستهزاء أو استخدام عبارات الشتم واللوم أثناء الحديث.

أخيراً، ندرك جميعنا أن الزواج ارتباط ينبغي أن يدوم مدى الحياة ويستمر، ويزدهر مع الأيام. ويُعتبر الالتزام بآداب الحوار بين الزوجين إحدى الدعائم الأساسية التي تحافظ على هذه الاستمرارية. كذلك، لا يقتصر تأثير الحوار الإيجابي والناجح على الزوجين فحسب، بل يشمل أيضاً الأبناء الذين ينشأون في محيطٍ هادئ، فيتجنّبون بالتالي كثيراً من الأخطاء ويتعلمون التصرّف باحترام وهدوء.

back to top