تمر علينا ذكرى اليوم العالمي للطفولة، وهو يوم 20 نوفمبر 1989 حين تم إدراج اتفاقية حقوق الطفل ضمن القانون الدولي... ولا يزال أطفال البدون محرومين من أبسط الحقوق الإنسانية، من تعليم وعلاج واستصدار شهادة ميلاد أو وفاة، بالرغم من توقيع الكويت اتفاقية حقوق الطفل عام 1991، وقد ألزمت الاتفاقية في مادتها الثامنة الدول في حال "حرم أي طفل من بعض أو كل عناصر هويته... أن تقدم الدول الأطراف المساعدة والحماية المناسبتين من أجل الإسراع في إعادة إثبات هويته". هكذا يتضح لنا الانتهاك الصارخ للالتزامات الدولية لاسيما في حرمان الكثير من البدون من إثبات هويتهم من خلال اللجوء إلى القضاء الذي كفله الدستور الكويتي... وهو ما يطالب به الجيل الرابع للبدون، الذين يعمم عنصريونا عليهم وصفهم "بالمتسللين والمزورين". فاللجوء إلى القضاء لإثبات الأحقية في الجنسية هو المدخل لحل تلك القضية العصية على الحل، إلا أن الفقرة الخامسة من المادة (رقم 20 لعام 1981) لقانون إنشاء دائرة المنازعات الإدارية منعت اللجوء إلى القضاء للفصل في قضايا الجنسية تحت مبرر حماية السيادة، وهو قانون يخالف ما كفله الدستور الكويتي والاتفاقيات الدولية... هكذا طحنت السياسات المتخبطة العشوائية الطفولة المسلوبة التي سرقها الحرمان والشقاء وانعدام الأمان والأمل والمستقبل... فعملت تلك السياسات "الرشيدة" على نشر الفقر والجهل والإحباط.

Ad

عارٌ آخر على جبيننا هو غياب قانون يحمي الطفل ضد العنف، وهو "حالة مرضية اجتماعية" أقرت بها وزيرة التربية د. موضي الحمود قبل فترة... كما أكده أعضاء "رابطة حقوق الأطفال الكويتية" الذين شهد أغلبهم حالات كثيرة من العنف الأسري ضد الأطفال... والذين عرضوا لنا، في مؤتمرهم في العام الماضي، صوراً كثيرة لقصص تقشعر لها الأبدان. إن دور الطبيب والمعلم في الرصد والتبليغ عن اشتباه في حالات الاعتداء أو الإهمال الجسدي أو النفسي لهو أمر في غاية الأهمية، ولكن انعدام قانون يحمي الطفل وغياب آليات وقائية وإجراءات واضحة يحولان ضد حماية المبلغ سواء الطبيب أو المعلم من تهديد أولياء الأمور، لاسيما في تقاعس الإدارة في حمايتهم. وقد حكت لي معلمة عن مآسي العنف الأسري التي تشهدها المعلمات في مدرستها من تعذيب نفسي وإيذاء جسدي كالضرب المبرح والتجويع والخوف الرهابي... وكل تلك الحالات التي تراها المعلمات أمامهن بشكل يومي ولكنهن لا يملكن إلا الصمت حيالها، وذلك بأمر من الإدارة بعدم التدخل بسبب تهديد أولياء الأمور.

لا ينحصر العنف ضد الأطفال في الأسرة، ولكنه منتشر كذلك في البيئة التربوية التي تعتمد على الأساليب البالية في تغليب العقاب على الثواب بحجة التأديب، وانعدام الثقافة الديمقراطية، وضعف مهارات الذكاء العاطفي وضبط النفس لدى المعلمين والمعلمات، والاهتمام بالجانب التحصيلي على حساب الجانب العاطفي، الأمر الذي يعوق نمو الأطفال الفكري والنفسي.

كما يشمل العنف أيضا الممارسات العدوانية بين الطلاب والطالبات في المدارس والتي تعرف "بالتنمر"، وقد صنفت جمعية أسترالية في 2008 الكويت الأسوأ عالمياً في "التنمر"، من خلال استطلاع أجري في مدارس ابتدائية في 40 دولة. وهي ظاهرة تلحق الأذى النفسي بالأطفال، إذ يتعرض الضحية للإصابة باضطرابات نفسية واكتئاب. ولكن للأسف تنعدم في المدارس الحكومية برامج مكافحة ممارسات التنمر كما هو معمول به في الدول المتحضرة.

تمر علينا ذكرى اليوم العالمي للطفولة وأطفالنا المحرومون المعذبون يأنون لغياب قانون يحميهم ويجعلهم آمنين مطمئنين.