فقر غزة يقضي على أجمل عادات رمضان
لم يتمكن خليل وهو فلسطيني في مطلع الخمسينيات من عمره، من إعداد وليمة لأشقائه وشقيقاته منذ مطلع شهر رمضان المبارك، كعادته كل عام في مثل هذا الشهر، نتيجة تردي ظروفه المعيشية، وفقدان مصادر الدخل. وغالباً ما يتميز شهر رمضان في قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس، بإعداد الأهلِ والأقارب الولائمَ لجمع العائلة حول مائدة إفطار واحدة، لكن تدهور الأوضاع المعيشية، وازدياد معدلات الفقر، غيّبا أجمل عادات الشهر الفضيل.
ويقول خليل ومعالم الحزن تسيطر على ملامح وجهه لـ"الجريدة": "هذا العام لم أدعُ أحداً من أهلي في رمضان (...) صعب ومستحيل، أنا عاطل عن العمل منذ أن فرضت إسرائيل الحصار على غزة ومنعت دخول مواد البناء".وأشار خليل الذي تعطلت أعماله في مجال البناء منذ سنوات، إلى الارتفاع الحاد في الأسعار، خاصة اللحوم البيضاء والحمراء، مبيناً عدم مقدرة العاطلين عن العمل وأصحاب الدخل المحدود، على تنظيم الولائم. وتشير تقارير مؤسسات حقوقية وأهلية، إلى أن الحصار الإسرائيلي أثر في العادات الرمضانية في الجيب الساحلي الصغير، وأن الظروف الاقتصادية لأهالي غزة باتت صعبة جداً، في حين أن نسبة كبيرة من العائلات تعيش على المساعدات والإغاثات التي تقدمها جمعيات خيرية من حين لآخر.وبينما تشعر أمل، وهي في الأربعينيات من عمرها، بأسى شديد لعدم مقدرة زوجها على تنظيم وليمة لأهلها كعادته كل رمضان، بسبب نفاد راتبه منذ بداية الشهر، قال أحمد شعت لـ"الجريدة"، "تعودت في الأعوام السابقة أن أعزم أشقائي وشقيقاتي وأزواجهن وأولادهن في شهر رمضان، لكن في رمضان الحالي اقتصرت الدعوة على شقيقاتي فقط".وأشار شعت الذي يتقاضى راتبا لا يتعدى 300 دولار أميركي من إحدى شركات القطاع الخاص، إلى ازدياد معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة، متسائلاً في ذات السياق، "إلى متى هذا الفقر، وهل نحن ضحية سياسة أم ضحية مجتمع؟".وتنشط جمعيات خيرية تتلقى دعماً مالياً من الخارج، لاسيما من دول الخليج في شهر رمضان، وتقدم وجبات وسلات غذائية إلى العائلات الفقيرة، وتنظم إفطارات جماعية في أماكن عدة، خاصة في مخيمات اللجوء التي تزداد فيها نسبة العوز.