شماتة!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
وهذه الثقافة الجديدة في الترحيب بالعنف وتأييده والتشفي من خلاله من أي طرف كان ضد أي فئة أخرى مؤشر خطير وقاتل في الحس الإنساني عموماً، فما بالك بمجتمع صغير ومتداخل مثل المجتمع الكويتي، وهو نذير شؤم يعكس إلى أي مدى قد تعبأت الصدور بالبغض والكراهية وإلى أي حد نجحت المحاولات المستمرة والمنظمة لتكريس الطائفية والقبلية والفئوية بين أبناء البلد الواحد. وللإنصاف وأخذ العبر فإن هذه الثقافة لا تنحصر في حادثة الصليبيخات ولا حتى التبريرات الظاهرية لها تحت عنوان تطبيق القانون وهيبة الدولة هي وليدة ذلك اليوم، فالحوادث التي شهدت ضرب الناس بالهراوات واستخدام القوة ضدهم سواء في قضية التأبين وما تبعتها أو في ما يخص مداهمة الانتخابات الفرعية في الصباحية أو على خلفية بعض الندوات الانتخابية الأخيرة جميعها لاقت ذات الاستحسان من خصوم تلك الحوادث، وفي كل الأحوال كان التشفي من تعرض فئة من المواطنين للضرب الجسدي تحت غطاء تطبيق القانون! وما تغير فقط هو الفئة المضروبة.ولم نجد عبر المشاهد المحزنة على مدى السنوات الأربع الماضية تجلي روح التسامح والألم المشترك والحس الإنساني عند الفرقاء في استنكار العنف وضرب الناس في الشوارع وأمام المنازل والديوانيات حتى مع خصومهم، ولو كانت مغلفة بالدعوة إلى تطبيق القانون عليهم، وإحالتهم إلى القضاء إذا ما كانوا مخطئين وخارجين على القانون!وبعد أحداث الصليبيخات لم تبقَ أي فئة مجتمعية سواء من الحضر والبدو أو الشيعة والسنة إلا ذاقت طعم الهراوات والضرب والإهانة، فهل هذا الألم المشترك يكون عبرة لنا جميعا في نبذ العنف أو على الأقل استنكاره أو استهجانه في المستقبل؟ وهل نترفع بعد الآن عن ثقافة الشماتة لأن الدورة التاريخية قد اكتملت حلقتها وقد تبدأ من جديد مع الآخرين؟وبصراحة فإن التعبئة الإعلامية اليوم وما نشهده من كلام مستمر في القنوات الفضائية ومنتديات الإنترنت وحتى صور التشابك بين أعضاء مجلس الأمة أنفسهم وما يتخلل ذلك من عبارات وألفاظ بدأت تنال من الأعراض والكرامات لا يوحي بأي عبرة واعتبار والله يستر من قادم الأيام!