رحلة الامم المتحدة

نشر في 22-09-2010
آخر تحديث 22-09-2010 | 00:01
 أحمد عيسى تعامل الراحل الشيخ جابر الأحمد- رحمه الله- كونه رئيساً للحكومة ولاحقاً أميراً للبلاد، مع منظمة الأمم المتحدة على أنها منظمة عالمية لها طابع دبلوماسي يناط بوزارة الخارجية وبعثة الكويت للأمم المتحدة، وفضّل أن يحاط هذا العمل بما يستحقه من مهنية واحترافية بعيدة عن البهرجة والإعلام. تمر علينا هذه الأيام الذكرى العشرين لاعتلاء أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد منبر الأمم المتحدة ليحث دول العالم المساهمة في تحرير بلاده من الغزو العراقي عام 1990.

أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله تولى رئاسة الحكومة في 30/11/1965، ثم نودي به 31/5/1966 ولياً لعهد أمير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم، فاستمر ولياً للعهد ورئيساً للوزراء حتى 31/12/1977 حينما تولى مقاليد الإمارة حتى توفاه الله في 15/1/2006.

على مدى 40 عاما تعامل الراحل الشيخ جابر الأحمد، كونه رئيساً للحكومة ولاحقاً أميراً للبلاد، مع منظمة الأمم المتحدة على أنها منظمة عالمية لها طابع دبلوماسي يناط بوزارة الخارجية وبعثة الكويت للأمم المتحدة، وفضّل أن يحاط هذا العمل بما يستحقه من مهنية واحترافية بعيدة عن البهرجة والإعلام، نظراً لإيمانه بأن الكويت تلعب دوراً عالمياً وإقليمياً يمليه عليها منطلقها الإنساني خصوصاً في المجال التنموي والإغاثي.

وطوال 40 عاما التي تولى خلالها الإمارة وولاية العهد ورئاسة الوزراء، لم يترأس الشيخ جابر الأحمد وفد الكويت لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة سوى مرتين فقط، الأولى كانت 1990 لحث دول العالم العمل والمساهمة في تحرير بلاده من الغزو العراقي، والثانية 1991 ليشكر دول العالم على مساهمتها بتحرير الكويت.

ففي 27/9/1990 ألقى أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد على مسامع حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة كلمته التاريخية التي قال فيها «جئتكم برسالة شعب كانت أرضه بالأمس القريب منارة للتعايش السلمي والإخاء بين الأمم، وكانت داره ملتقى الشعوب الآمنة التي لا تنشد سوى العيش الكريم والعمل، وها هو اليوم بين شريد هائم يحتضن الأمل في مأواه، وبين سجين ومناضل يرفض بدمه وروحه أن يستسلم ويستكين للاحتلال مهما بلغ عنفوانه وبطشه»، واختلجت كلماته عبرة ألم، أدمعت قلوب كويتيي الداخل والخارج، ومنها بدأت حرب تحرير الكويت.

وبعد ذلك بعام، ومن ذات المنبر شكر الدول التي ساهمت في تحرير الكويت، وحثها بذل قصارى جهدها لمساعدة الكويت على استرجاع أبنائها الأسرى الذين ارتهنهم النظام العراقي خلال الغزو، طالباً الرحمة لشهدائها الذين سقطوا بعز ذودا عن بلادهم أمام المحتل، وكما أعلن إسقاط فوائد ديون الدول المستفيدة من قروض ومساهمات الكويت الإنمائية كرد لجميل دول العالم الثالث التي ساندت الكويت.

كان الراحل رحمه الله في كلتا المرتين حريصاً على ألا يزيد وفد الكويت على العدد المحدد له من قبل الأمم المتحدة، فلم يضم كلا الوفدين أكثر من 9 في كل مرة، هم مجمل أعضاء الوفد الرسمي والمرافقين الخاصين، وحرص كثيراً على إبعاد عمل الرسميين عن الأضواء، لقناعته بأن هذا واجبهم، ثم تفرغ بعد ذلك لمتابعة شؤون بلاده حاملاً في قلبه همّ أبنائه الأسرى، ومفضلاً أن تبقى قضايا الكويت الدولية مرهونة بمتابعة دبلوماسية وتحت مظلة وزارة الخارجية وبعثاتها الخارجية، ومن بينها بعثة الكويت لدى الأمم المتحدة. فرحم الله الشيخ جابر الأحمد، ولا يمكن لنا أن ننسى دوره هذه الأيام ونحن نستحضر الذكرى الخامسة والستين لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي حضرها قبل عشرين عاما ليقود من منبر المنظمة الدولية جهود تحرير الكويت.

back to top