احتفلت ديوانية المرحوم سامي المنيس بذكرى صدور الدستور، في وقت أبدى فيه النائب صالح الملا تخوفه من أن يقام العام المقبل مأتم للدستور، بينما شدد النائب عبدالرحمن العنجري على أن الخيار الأفضل هو تحويل الكويت إلى ملكية دستورية.

Ad

على وقع الاحتفال بذكرى صدور الدستور الكويتي أبدى المحاضرون تخوفهم من استمرار العمل به، في ظل تقليص مواده وتحويل القبيلة من ظاهرة اجتماعية الى ظاهرة سياسية، واستشراء الفساد وادارة سراق المال العام للبلد.

وفي وقت قال فيه النائب عبدالرحمن العنجري خلال الندوة التي أقامتها ديوانية المرحوم سامي المنيس مساء أمس الأول، تحت عنوان "ذكرى صدور الدستور"، إن الكويت لن يكون أمامها خيار مستقبلي سوى أن تتحول الى ملكية دستورية، رأى النائب صالح الملا ان البلد يديره سراق المال العام وجهاز أمن الدولة، بينما شدد الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي على أن الدستور غير مسؤول عن سوء أداء السلطات العامة.

وأكد النائب عبدالرحمن العنجري أن الاحتفال بالعمل بالدستور مناسبة عزيزة على كل دولة تعمل بالدستور والقانون، مشيراً إلى أنه قبل العمل بدستور 1962 كان الحاكم يمثل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكانت هناك ظروف موضوعية في ظل وجود الشيخ عبدالله السالم حاكم الكويت آنذاك الذي أدرك أن الدولة اذا عملت بالدستور والقانون وتحولت من دولة العشيرة والقبيلة الى دولة مدنية ذات مرجعية دستورية سيكون أفضل أمان للحاكم وللأسرة الحاكمة قبل أن يكون للشعب الكويتي، مستذكرا الدور التاريخي لرجالات الدستور الذين رحلوا عن الحياة والموجودين منهم الآن، الذين سجلوا التاريخ بأسطر من نور.

العمود الفقري

وأضاف العنجري أن العمود الفقري للدستور الكويتي هو المادتان الرابعة والسادسة، مشيراً إلى وجود العديد من المحاولات خلال الاربعين سنة الماضية لوقف العمل بالدستور، بعضها من بعض أفراد الأسرة الحاكمة، لافتاً الى أن الظروف الإقليمية أدت الى وجود نوع من الانفتاح السياسي.

وأوضح أنه عند التفكير في العمل بالدستور لم يكن الهدف منه فقط سياسياً، بل كان ايضا اقتصادياً واجتماعياً، من خلال التوزيع العادل للثروة وعدم هيمنة القطاع العام على القطاع الخاص، وأن الجميع سواسية أمام القانون، مبدياً أسفه لوجود قوى تحاول ضرب روح الدستور وفلسفته، من خلال تزوير الانتخابات وتحويل القبيلة من ظاهرة اجتماعية الى ظاهرة سياسية، عبر الاصرار على أن تكون ممثلة داخل البرلمان، وهي التي تعد الأخطر على النظام الديمقراطي، وتضرب فلسفة وروح النظام الديمقراطي، حيث يتحول الولاء الى القبيلة بدلا من الدولة.

وأكد العنجري أنه عند صياغة الدستور في المجلس التأسيسي كانت رؤيتهم للاقتصاد الكويتي ألا يكون متطرفاً رأسمالياً أو اشتراكياً، لكننا اليوم نرى ان الاقتصاد الكويتي متطرف اشتراكي، ويبدو ذلك من خلال مساهمة القطاع العام في الناتج القومي المحلي، مشيراً الى ان كل دساتير العالم غير جامدة وقابلة للتعديل، والاصلاحات الدستورية تعد مطلباً أساسياً في العديد من الدول الديمقراطية، الا أنها يجب أن تكون لمزيد من الحريات.

ملكية دستورية

وقال العنجري: "باعتقادي الشخصي أن الكويت لن يكون لديها أي خيار في المستقبل الا أن تتحول إلى ملكية دستورية، في ظل الصراع المشروع بين أفراد الأسرة للوصول الى السلطة، حيث كانت السلطة الحاكمة في السابق تعتبر عامل الوحدة في الكويت مثل "عمود الخيمة"، وكانوا على مسافة واحدة من جميع التيارات والكتل والمجاميع داخل الكويت، الآن اختلف الوضع بسبب الصراع على السلطة، والعديد منهم يطمح إلى أن يكون على سدة الحكم، ويتحزب من أجل تحقيق أهدافه ببعض الكتل السياسية والنواب، الأمر الذي يؤدي الى تعدد الصراعات والولاءات، وأكرر "من يتخندق مع هذا الشيخ أو ذاك ليس له أجندة وطنية وانما أجندة شخصية".

استشراء الفساد

وقال النائب صالح الملا: "كل من لديه شعور وطني يشعر بالألم والمرارة عند الاحتفال بالدستور عاما بعد عام، بسبب استشراء الفساد، وعدم ايمان النظام بهذا الدستور"، مشيرا الى أن هذا هو كلام المنظمات الدولية، التي تشير الى أن موقعنا في الفساد على مستوى الأجهزة الحكومية "يفشل"، فآخر احصائية تتحدث عن موضع الكويت في التنمية البشرية تراجعنا فيها 12 نقطة عن العام الذي سبقه.

وأضاف الملا انه حتى الآن لم يتمكن أعداء الدستور من تحقيق أهدافهم، "لكن لا نعلم ماذا سيحدث غداً"، مستدركاً "بين النظام والدستور زواج عرفي، وأحياناً يتحول من زواج عرفي الى زواج مسيار، بمعنى حينما يريدون الدستور يخرجونه وعند العكس من ذلك يتبرأون منه، وأعتقد أننا في وضع غير جيد، حيث من واقع عملنا رأيت أن كم الفساد لا تحمله البعير وإنما الديناصورات اذا عادت الى الحياة"، لافتاً إلى أن الهجمة على الدستور ليست بجديدة، إذ ظهرت منذ عام 1967 عند تزوير الانتخابات التي كان الهدف منها ايصال نماذج تبصم دون أن تناقش.

الباب الثالث

وتساءل الملا: "هل المطلوب منا أن نجتمع سنوياً من أجل الاحتفال بالدستور؟"، مضيفاً: "في كل عام يتقلص حجم المواد التي نتمتع بها في نطاق الحريات، فالباب الثالث من الدستور ليس له قيمة ويعتبر حبراً على ورق، وفي الوقت الذي نحتفل فيه بالدستور الآن لا نضمن أن تسمح لنا الأجهزة الاستخباراتية الاحتفال به العام المقبل، فالوضع خطير، في ظل وجود عصابة تدير البلد، حيث من يديره هم سراق المال العام وجهاز أمن الدولة ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الشيخ احمد الفهد، المؤمن بمقولة الحكم سيف ومنسف، والذي لا يمكن أن يؤمن بالدستور في ظل ايمانه بتلك المقولة".

حماية الأطراف

بدوره، أكد الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي أن دستور 1962 نجح في حماية كل الأطراف، لأنه صنع منها وراعاً بقدر مصالحها، مشيرا الى أن الدستور ينظم بالدرجة الأولى ظاهرة السلطة السياسية في الدولة، وهذا يقتضي أن يكون اسمى من القوانين الأخرى لأنها تصدر عن سلطة أنشأها الدستور وحدد لها حدودها.

ولفت الفيلي الى أن الدستور قابل للتنقيح والتعديل لأنه قانون، لكن وظيفته كمنظم لعمل السلطات العامة وسموه يقودان الى جعل تعديله أصعب من تعديل القوانين وثباته أكثر منها، مرجعاً سبب عدم تنقيحه حتى الآن الى عدم وجود التوافقية التي تعد أمراً صعباً، كما ارجعه إلى المرونة والتعددية في الحلول. وأوضح الفيلي أن الدستور الكويتي نظم اجراءات تعديل أحكامه، منها اختيار الوقت الملائم لاقتراح التنقيح مع وجوب أن يأتي التعديل في الاطار المرسوم، وهو زيادة ضمان الحرية والمساواة والحفاظ على النظام الأميري مع عدم تقليص صلاحيات الأمير في فترة النيابة عنه.