رسالة إلى قارئ
كتب القارئ علي تعليقاً على مقالتي «بروكلين هايتس»، التي نشرت يوم الاثنين الماضي... بأنه مستغرب كتاباتي البعيدة عن أحداث ما يجري في الداخل وبما يحيط بالعالم العربي، وعلق: «إن هذا الأمر يعود إلى خلل بي أو لبعدي عن كل ما يحيط بي».
عادة أنا لا أرد على تعليقات القراء فهي من حقهم، وأكتفي بالرد على الإيميلات التي تصل إلي مباشرة منهم. لكنني أحببت أن أرد على تعليق القارئ علي بمقالة له ولكل الإيميلات التي ترد إلي من مؤسسات أو من أفراد يطلبون مني الكتابة أو التعليق أو إعادة نشر مواضيع سياسية أو اجتماعية تخص الحقوق الإنسانية الفلسطينية أو أنظمة حكم معينة أو أمور دينية أو إخباريات فنية وسينمائية وتلفزيونية وحقوق البدون.كل هذه الإيميلات التي ترد إلي ليس بإمكاني الكتابة عنها أو حتى إعادة نشرها، أو تعميمها، أو التعليق عليها، وذلك يعود إلى عدة أسباب منها:1 - بعضها تعود صلاحية نشره إلى المسؤول عن الصفحة الثقافية وهو الذي يحدد مواد النشر فيها.2 - البعض الآخر لا يصلح أساساً للنشر فهو يخص أناساً أو مصالح خاصة لا يصح تناولها. 3 - كتاباتي مشروطة للصفحة الثقافية، أي أنه لا يجوز لي أن أكتب في مواضيع أخرى سياسية مثلاً أو اجتماعية أو دينية إلا في نطاق محدود، وعلي أن أتناول الموضوع من زاوية ثقافية، وأحاول أن أستخرجها بأي شكل وبأي طريقة كانت.وعلى هذا الكتابة في مجال الثقافة تتطلب الكثير من القراءة ومتابعة الأحداث الثقافية مثل المعارض التشكيلية، والعروض السينمائية، والندوات وأشياء أخرى تتطلب البحث والاطلاع المستمر حتى تُكتب مادة تفيد القارئ. هذه المتابعة تأكل الوقت كله حتى تأتي بمقالة، إلى جانب ما تتطلبه حياتنا من واجبات أسرية واجتماعية وشخصية. كلها تضاف إلى هذا الوقت الذي نحتار كيف نتقاسمه ونوزعه على متطلباتنا كلها.ومع هذا أحب أن اعتذر من كل الذين يودون مني المشاركة في الكتابة في مواضيع خاصة أو إعادة نشرها إذا كانت لا تتعلق بالمادة الثقافية. أشكر القارئ علي على تعليقه الذي يدل على متابعته مقالاتي وأنه كان يود أن أكتب في مواضيع يرى أنه يجب أن أكون مشاركة فيها.عدم كتابتي لا تعني أنني لست مشاركة فيها... بقلقي وخوفي وحواسي كلها، فكل ما حولنا على الصعيدين المحلي والعربي مقلق إلى أقصى حد، وربما نظرتي التشاؤمية أخاف أن أكشفها في الكتابة وعسى الأيام تخيب ظنوني. لكن كتاب «الجريدة» ما شاء الله عليهم يبردون القلب وفيهم أسماء متميزة جداً وأنا أتابع كتاباتهم فهي تسد عني وعن غيري، فلا توجد حاجة إلى كتاباتي في مواضيع هم على اطلاع بها أكثر مني، ولهم مصادرهم التي تمدهم بما ينقصهم من معلومات ضرورية، وهي بالتأكيد لن تتوافر لي.لكن القارئ يحب أن يشعر أن كاتبه متضامن معه ويحس بكل مشاكله ويتأثر بها مثله وينفعل معه. القارئ... معه كل الحق في ذلك المطلب وأنا سأحاول أن أجد مخرجاً ثقافياً لمواضيع غير ثقافية حتى أكون على مقربة من مشاعر الناس الذين يودون أن أتشارك معهم في الهموم والمتاعب، وأن أكشف عن تضامني وتفاعلي معهم. وأن أكون في الحقيقة على تواصل إنساني مستمر مع القراء على صفحات الإنترنت. ويبقى هذا الإنترنت الذي أشعل فتيل الحرية في كل من تونس ومصر التي أوقفت قلوبنا على حافة الخطر، نتمنى من الله أن يحفظها من كل مكروه، وأن تصل إلى شط السلامة الذي لم يلح منه أي علامات أو دليل نطمئن بها.أكتب مقالتي ومصر تمر بأخطر مراحل الانفلات الأمني الذي ذكرني بالأيام الأولى التي تلت تحرير الكويت، وكم كانت مخيفة مرعبة، أرجو أن تنتهي منها مصر في أسرع ما يمكن، وأن تتحقق لها كل ما تصبو إليه، وأن ندخلها قريباً آمنين.