التغيير هي الكلمة السحرية لمحبة الحياة!
وهي كلمة السرّ لفتح مغارة علاء الدين ورؤية الكنوز المخبأة داخلها. التغيير المستمر هو الوسيلة الوحيدة لإثراء الحياة الشخصية بالأسرار الكبرى للحياة، وهو أيضا الوسيلة الوحيدة لتجدد الدم في شرايين أيامنا، وهو بمنزلة حرث تربة أرواحنا وتهيئتها لزراعة أنواع أخرى من الأشجار والنباتات العطرية. إلا أن التغيير مخيف، ويتطلب قدرا عاليا من الشجاعة وروح المغامرة، وهذه صفات لا يتمتع بها غالبيتنا، لذا لا بد من تعلمها واكتسابها، ولكي نفعل ذلك لا بد من خطوة أولى دائما. طبيعتنا البشرية تبحث عادة عن السكينة والاستقرار، الإستقرار في كل شيء حتى في الإشياء التي نتمنى لو أنها غير موجودة في حياتنا. وهذه الطبيعة هي بالضبط ما يكبّل أجنحتنا ويمنعها من اكتشاف الفضاء. الرغبة في الاستقرار هي نقطة ضعفنا البشرية التي تحول بيننا وبين اكتشافنا لذواتنا، وتحدّ من قدرتنا على التعمق أكثر في جوهر الحياة وفهمها. البعض منا يخشى تغيير حتى بعض العادات الروتينية البسيطة، كالطريق الذي يسلكه يوميا إلى مقر عمله، أو حتى طرقعة أصابعه مثلا، نخشى المجهول الذي يعقب التغيير، يكاد يقتلنا جبننا من خوض هكذا مغامرة. البعض يعتقد أنه راض عن حياته بكل ما فيها، ولا يرى ضرورة من أحداث أي تغيير فيها مهما كان حجم هذا التغيير، ولو اعتبرنا جدلا أن الرضا هو الهدف الأعظم في الحياة، فإن رضا هؤلاء سيسقط عند أول اختبار، إذ إنك لن تتيقن من رضاك عن شيء فعلا حتى تجرّب غيره! طبعا أنا لا أتحدث عن التغيير الإجباري، وإنما التغيير الذي تمليه إرادة حرة، إرادة تودّ أن ترسم صورتها على جدار الحياة لا على مائها. أعتقد أن على الإنسان الذي تجاوز الخامسة والعشرين أن يحدث تغييرا في حياته كل خمس سنوات، خمس سنوات كافية لتنشيط دورة الحياة خمس سنوات كافية جدا للشعور بالحاجة الى تغيير شيء ما حتى لا يتمكن منا فندمنه! خمس سنوات كافية للشبع من نمط حياتنا. ومن يعتقد أنه في حاجة الى مزيد من الوقت للإحساس بذلك، هو أسير إدمانه ويعاني عقدة الخوف من التغيير! مدة الخمس سنوات كافية لتجديد خلايا الروح والرغبة بقراءة صفحة أخرى في دفتر الحياة، فلو فرضنا أن العمر الافتراضي للإنسان سبعون عاما، وبدأ بالتغيير الدوري في حياته بعد سن الخامسة والعشرين فسيعيش هذا الإنسان تسع حيوات مختلفة، وسينافس بذلك حياة القطط! التصالح مع الحياة لا يكون عن طريق التأقلم مع رتابتها، وإنما بمشاغبتها. الحياة غالبا ما تكافئ من يحب مفاجأتها، وتحتقر من ينتظر أن تفاجئه. لنتغلب على خوفنا من التغيير باجتياز الخطوة الأولى، فالمسألة أشبه بالقفز بالمظلة من مكان مرتفع، أو بممارسة لعبة قطار الموت لأول مرة، يذهب الخوف حال فعله، ونكتشف كم المتعة التي كنا سنفقدها لو لم نفعله، ونكتشف كم كنا جبناء بلا سبب! التغيير بمنزلة ولادة جديدة بخبرات سابقة. من المخجل أن تملك القطط أرواحا أكثر مما نملك!
توابل - ثقافات
آخر وطن: لننافس القطط!
24-09-2010