لا أعتقد أنه يختلف اثنان على وجود حالة من الاحتقان في المجتمع الكويتي، وإن اختلفا في شدتها ونسبتها، فهناك من يقول إنه حالة شاذة بدأت بالظهور، وهناك من يعتقد- وأنا منهم- أننا نقف على بركان من الدماء يمكن أن ينفجر في أي وقت، ومعركة المجلس ليست إلا وجها من وجوه تفريغ الاحتقان، التي لو لا عقل بعضهم وحكمة سموه لانتقلت إلى الشارع.

Ad

كلنا ينبذ حالة الاحتقان، ونحن المحتقنين، نرفضها ونثبتها في أنفسنا، ونصفق لدعاتها، ونهلل لنتائجها، ونصرخ في وجه من يعارضها، ومن يقول للخطأ خطأ، نثور غضبا وحنقا ضد من يقول لنا أو لدعاة الاحتقان «لا»، ونكيل التهم للمقابل.

وبما أن نسبة عالية من الخطأ فينا، فالإصلاح يجب أن يبدأ من المجتمع، منا جميعاً، يجب أن نتحمل الآخر مهما كانت عقائدنا مختلفة، ويجب أن نتخذ جميعنا بكل أطيافنا وطوائفنا وخلفياتنا الفكرية موقفاً حازماً ضد دعاة الفتنة، وأن ننظر بعين الإنصاف إلى الأمور، فلا نستفز المقابل ولا نرضى ممن في دائرتنا (المذهبية، الفئوية، القبلية) باستفزازه، يجب علينا أن نقصي الأطروحات الهدامة من خطابنا، كما علينا أن نقصي دعاة الفتن من بيننا أيا كانت صفتهم.

لكن الإقصاء ليس بسحب الجنسية، فهو لا يقصي الفكر، وليس بقانون نحلم به لتجريم نشر الكراهية والتحريض على العنف، إن الإقصاء الأشد هو الإقصاء الاجتماعي، فلا نستقبلهم في أنديتنا ودواويننا، ولا نتبعهم في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، فهذا الإقصاء هو الذي يرسخ في المجتمع نبذ هذه الأفكار، والدعوة إلى الحب والتسامح، وعندما نرى في دائرة ما صوت نشاز يدعو إلى الفتنة، ولا يردعه أحد فسوف نحسب معظم الدائرة إن لم تكن كلها تنعق نفس ذاك الصوت النشاز.

فمن المزعج والشاذ جداً أن نرى البعض يطبل ويزمر ويهلل ويكاد يرقص لأبطال الفتن، وينحر لهم بعيراً في منحر الوطن، بينما تقصى الأصوات المعتدلة وتهاجم وتحارب من دوائرها، في حين هي الأحق بالاحترام والتبجيل، فكثير من أصوات الرحمة بالبلد تدفع ثمن وطنيتها وحبها لأرضها من سمعتها وراحتها، وللأصوات الوطنية كل تحية.

«خربشة»: أحد النواب الأفاضل قال كلمة عظيمة عندما تكلم عن استفزاز يمارس ضدهم من سنتين، ذكرني بما قيل له عبر «تويتر»، إن السبب في انتشار سب الصحابة هو استفزاز يمارس من سنوات طويلة يجب إيقافه، ولكنه أنكره، أتمنى أن يكون قد شعر وغيره بمدى أثر هذا الاستفزاز، ويكون قلبه واسعاً لاختلاف مواطنين هو ممثلهم، وإلا كان مستحقاً للإقصاء.