بين بن علي وأوباما!
كان للإنترنت والإعلام الجديد أكبر الأثر في وصول أوباما إلى سدة الحكم في البيت الأبيض ليكون رئيساً للولايات المتحدة، لهذا بقي ممتناً لهذا المحيط الكبير ولشبكة المعلومات ولكل تفريعات الإنترنت ومجالاته كافة، والدليل أن البيت الأبيض أعلن الجمعة أن الرئيس الأميركي سيرد مباشرة على أسئلة يطرحها مستخدمو موقع يوتيوب الإلكتروني الخميس المقبل. وسيجيب أوباما مباشرة عن الأسئلة بعد يومين من الخطاب السنوي الذي يلقيه في الكونغرس عن حالة الاتحاد، الذي عادة ما يكون مناسبة للرؤساء الأميركيين لتحديد رهاناتهم وبرامجهم للسنة المقبلة، وكان أوباما خصص مقابلة استمرت 40 دقيقة مع مستخدمي يوتيوب على أثر الخطاب الذي ألقاه العام الماضي.أوباما هو أفضل خطيب من بين كل الرؤساء الذين مروا على أميركا، وكونه الخطيب الأروع والأبلغ لا يعني أنه الرئيس الأكثر إنتاجاً، لكنه وجد ضالته في الإنترنت ليمارس هواية الخطابة المفضلة لديه وليتواصل مع الأجيال الجديدة.
الإعلام الجديد أثبت جدارته في الأحداث الأخيرة في تونس، وكان المتظاهرون يتواعدون ويحددون نقاط الانطلاق من خلال تلك الوسائل: «تويتر، يوتيوب، فيس بوك، بلاك بيري، مسنجر» وغيرها من منافذ التخاطب بين البشر. غيرت التقنية هذه كل الأساليب القديمة التي كانت دارجة ورائجة قبل هذا العصر، حتى في زمن بدء الإنترنت لم يكن تأثيره على الشكل الذي نشهده حالياً، ويكفي أن وثائق «ويكيليكس» جاءت من بطن الإنترنت لتنشر غسيلاً كثيراً على 6 مليارات إنسان في العالم، وهناك من يربط بين وثائق «ويكيليكس» وثورة التونسيين على زين العابدين بن علي الرئيس التونسي السابق.صحيح أن المعلومات والأخبار التي تضمها تلك المواقع ربما تكون غير صادقة، لأن تلك الوسائل عبارة عن مدونات شعبية، وهذا ما أشار إليه مايكل كرولي: «ما يقلقني في المعلومات التي تنقل عبر تويتر والمدونات أنها لا يمكن التحقق من مصداقيتها، فقد رأيت العديد منها وأعتقد أنها ملفقة ومزورة»، باستثناء أن ينسب المشارك معلومته إلى موقع أو جريدة، حينئذ تكون المعلومة موثقة، لكن يجب أيضاً ألا نغفل عن خطورتها الأمنية في حال تسربت معلومات غير دقيقة أو كاذبة، عندها يسيل الخبر عبر منافذ ومنابع كثيرة وربما أثار الرعب والإرجاف. إن الإعلام الجديد ثورة تقنية شمل تأثيرها الفضاء السياسي والاقتصادي والفكري والديني، وآثارها شهدناها في انتخابات إيران والولايات المتحدة وانقلاب تونس، ومدى تأثيرها لا يحده حد، وعلى الحكومات أن تعلم أن زمن الكبت والمراقبة والعقاب قد ولى، فماذا نفع زين العابدين بن علي عندما أغلق المواقع التي يعتبرها الناس جزءاً من يومياتهم وأنشطتهم مثل «فيس بوك» الذي حجب ظلماً، لكن سطوة الموقع أطاحت بالرئيس نفسه ليولي مدبراً بسبب استخدام مركز على هذه التقنية من قبل الشعوب.آن أوان التطور من قبل مؤسسات الحجب والمراقبة على الإنترنت في العالم العربي، فمن يرد الشر فسيذهب إليه ولو أغلق في وجهه، ولا يمكن أن تؤسس أنظمة رقابة الإنترنت من خلال المستخدم السيئ، بل من خلال المستخدم المسؤول الحر الذي يقوم باستخدام الإنترنت والإفادة منه على أكمل وجه. وليكن انفتاح العرب على الإعلام الجديد مثل انفتاح أوباما عليه.كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة