المرحلة الحالية ليست مرحلة تشاؤم، ولكنها حراك في الاتجاه الصحيح تفوقت فيها على كل المنعطفات التاريخية من العمل الديمقراطي، لتضع الأمور في نصابها، فإن كان البعض يصور صعود سمو رئيس مجلس الوزراء المنصة على أنه انقلاب على الدستور فقد بان الآن على أنه عمل أرسى دعائم الوحدة الوطنية. لم أكن أتوقع هذا الاهتمام من المتابعين العربي والكويتي على وجه الخصوص بأحداث تونس الخضراء، حيث رسم لنا الإعلام صورة مغايرة للواقع المرير حتى أفقنا على قصيدة؛ شاعرها أبو القاسم الشابي؛ بانتفاضة أطاحت بالرئيس زين العبدين بن علي الذي جثم على أنفاس التونسيين لأكثر من 23 سنة بالتمام والكمال؛ لتعيد إلى شعوب العالم العربي روحا غابت عنها.

Ad

فها هي قصيدتك يا أبا القاسم تنبض من جديد، وكأنك كتبتها للتو لتسطر ملحمة قادها الشعب التونسي بعيدا عن الأحزاب ولعب الساسة؛ ليعيش حرا صاعدا الجبال الشوامخ:

إذا الشعب يوما أراد الحياة

فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي

ولابد للقيد أن ينكسر

ومن لم يعانقه شوق الحياة

تبخر في جوها واندثر

كذلك قالت لي الكائنات

وحدثني روحها المستتر

ودمدمت الريح بين الفجاج

وفوق الجبال وتحت الشجر

إذا ما طمحت إلى غاية

ركبت المنى ونسيت الحذر

ومن يتهيب صعود الجبال

يعش أبد الدهر بين الحفر

هذا الحدث لم يكن ليكون إلا في الأنظمة التي تقصي شعوبها من أجندتها لتنفرد بالسلطة وجني المال على حساب قوت هذه الشعوب؛ حارمة إياها من حقها في الشراكة حتى وصلت الحال بـ»أبوعزيزي» بإضرام النار بنفسه احتجاجا على ظلم السلطة.

أعود إلى حديث الشارع الكويتي عما يدور في تونس الشقيقة؛ وكيفية ربطه بذكريات الغزو التي ضرب فيها أبناء الوطن أروع الأمثلة في تلاحم الشعب مع أسرة الصباح طواعية متمسكين بالشرعية؛ في واقعة أذهلت العالم؛ لم تكن لتحدث لولا الذي زرعته أسرة الحكم من خلال قربها وحبها لكل شرائح المجتمع، التي كانت الصمام والدعامة لبقاء كويت التحرير.

البعض يصور الحراك السياسي في الكويت على أنه حالة من الانفلات؛ ناسيا أن الكويت جبلت على الديمقراطية وعلى الشراكة، وهي دائما تعلو على جراحها ملتحفة بلحاف الدستور الذي يؤكد يوما بعد يوم علو كعبه، وأن كبيره الوطن والأمير وغايته الشعب.

المرحلة الحالية ليست مرحلة تشاؤم، ولكنها حراك في الاتجاه الصحيح تفوقت فيها على كل المنعطفات التاريخية من العمل الديمقراطي، لتضع الأمور في نصابها، فإن كان البعض يصور صعود سمو رئيس مجلس الوزراء المنصة على أنه انقلاب على الدستور فقد بان الآن على أنه عمل أرسى دعائم الوحدة الوطنية، فهنيئا للكويت برجال عملوا على ترسيخ هذه الوحدة.

المكرمة الأميرية أتت مع احتفالات الكويت بعيدها الوطني الخمسين وعيد تحريرها العشرين وبمرور خمس سنوات على تولي سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح مسند الإمارة، التي أتت لتعبر عن مدى تلمس سموه- حفظه الله ورعاه- لهموم المواطن، ولتكتمل الفرحة بالأعياد الثلاثة.

إن فرحتنا لتونس الشقيقة جاءت طبيعية نابعة من إسلامنا وعروبتنا، وما جبل عليه مجتمعنا من حرية التعبير، مع تمنياتنا لشعب تونس بالاستقرار وراحة البال، وأن يرحم الله شهداءنا وشهداءهم آمين يا رب العالمين.

ودمتم سالمين.