مع بدء مجلس الشعب المصري المنتخب أعماله، عادت التكهنات باقتراب إجراء تعديل وزاري على حكومة الدكتور أحمد نظيف، وهي توقعات عززها إرجاء المجلس انتخاب رؤساء لجانه النوعية على غير العادة، ما فسّره نواب بأنه تعبير عن رغبة في انتظار التشكيل الحكومي الجديد لإسناد رئاسة بعض اللجان إلى الوزراء المنتخبين الذين سيستبعدون من مناصبهم مثل وزيري الزراعة والإدارة المحلية.

Ad

وبينما كان مجلس الشعب يعقد أولى جلساته في مقره التاريخي أمس، شهدت القاهرة في نفس التوقيت تحركات مكثفة لقوى المعارضة المحتجة على نتائج الانتخابات التي أسفرت عن اكتساح الحزب "الوطني" لمعظم مقاعد البرلمان، فأمام مجلس الدولة - أحد أكبر الرموز القانونية في مصر - جرى إطلاق ما سمته المعارضة "البرلمان الشعبي"، وذلك فيما شيع شباب حزب "الوفد" نعشاً رمزياً للبرلمان من أمام ضريح سعد زغلول الزعيم التاريخي لثورة 19. وفي نفس التوقيت كانت قوات الأمن تمنع بالقوة خروج مسيرة من أمام حزب "الوفد" للمطالبة ببطلان المجلس.

وعقد المجلس أولى جلساته أمس، في حضور 506 أعضاء، إذ جدد البرلمان ثقته في الدكتور أحمد فتحي سرور رئيساً له للسنة الحادية والعشرين على التوالي بعد أن حصل على 505 أصوات مقابل حصول منافسه رئيس حزب "العدالة الاجتماعية" الدكتور محمد عبدالعال على صوت واحد.

وشهد البرلمان تصعيداً ضد الصحافة المستقلة بتفجير أول قضية برلمانية داخل المجلس، والتي أثارها النائب الدكتور زكريا عزمي الذي أبدى اعتراضاً شديداً على رسم كاريكاتوري نشرته صحيفة "المصري اليوم" الخاصة يصور نواب البرلمان على أنهم كلاب.

وأكد عزمي رفضه لهذا الكاريكاتور رغم احترامه لحرية النقد والصحافة، وطالب من سرور باعتباره المسؤول عن المحافظة على كرامة البرلمان ونوابه أن يتدخل.

وعقب سرور بأن قانون العقوبات المصري يعاقب بالحبس والغرامة من 5 آلاف إلى 10 آلاف جنيه كل من أهان أو سب البرلمان، وأن قانون الإجراءات الجنائية أناط تحريك الدعوى بناءً على طلب من البرلمان.

وقرر إحالة بيان الدكتور عزمي إلى لجنة الثقافة والإعلام بعد أن يتم تشكيلها لدراسته وتقديم التوصية المناسبة لتعرض على البرلمان واتخاذ القرار المناسب بشأنها.

وكان نواب البرلمان الجدد والقدامى أدوا اليمين الدستورية في وقت سابق أمس، أمام جلسة الإجراءات التي رأسها النائب سيد رستم أكبر الأعضاء سناً وعاونه أصغر عضوين.

وكان لافتاً حرص النائبات الجدد الفائزات بمقاعد كوتة المرأة على الجلوس بجوار بعضهن البعض وارتدت نائبات في محافظات سيناء ومطروح الزي الوطني المميز لها.

وفي مشهد مهيب ومؤثر أمام مجلس الدولة أحد أكبر رموز العدالة في مصر وأمام المارة وفي الطريق العام، أعلن أكثر من مئة برلماني سابق يمثلون المعارضة و"الإخوان" إطلاق "البرلمان الشعبي" الموازي وأقسموا اليمين الدستورية في الهواء الطلق في حضور كثيف لوسائل الإعلام وقوات الأمن.

وأعلن النواب أن البرلمان سيبدأ عمله في يناير المقبل، وأنهم على الأرجح سيتخذون من حزب "الوفد" مقراً للبرلمان البديل.

وتعالت الهتافات المطالبة بإبطال مجلس الشعب الجديد، ورفعت لافتات ضد اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات وما اعتبر تزويراً علنياً للانتخابات البرلمانية. ووصفت المعارضة المجلس بأنه فاقد للشرعية لصدور أكثر من 1500 حكم قضائي لبطلان الانتخابات.

وقال النائب السابق المستقل مصطفى بكري لـ"الجريدة"، "عمليات التزوير الفاضحة أثبتتها درجات التقاضي المختلفة ولا نزال نصرّ على مطالبتنا لرئيس الجمهورية بحل المجلس الحالي وإعادة الانتخابات والإشراف الكامل للسلطة القضائية عليها".

وأضاف بكري أن "مستقبل البلاد في خطر بعد صدور أحكام قضائية ببطلان عشرات الدوائر الانتخابية بما يحدث فراغاً دستورياً وانعداماً للسلطة التشريعية".

وقال النائب السابق جمال زهران: "لن نعترف بالبرلمان الحالي وسنظل تحت قبة البرلمان الموازي نرفع الدعوى إلى البرلمانات الدولية والعالمية والأمم المتحدة والبرلمان الأورومتوسطي، ونطالب العالم كله بإبطال هذا البرلمان".

وأكد المنسق العام لحركة "كفاية" د.عبدالحليم قنديل أن "البرلمان البديل سيعد دستوراً جديداً للبلاد".

ونجحت قوات الأمن أمس، في منع مسيرة لحزب "الوفد"، تخرج من أمام مقره، احتجاجاً على "تزوير الانتخابات"، إلا أن العشرات من شباب حزب "الوفد" نجحوا في تنظيم وقفة احتجاجية أمام ضريح سعد زغلول وحزب "الوفد" للتنديد بما سموه "التزوير العلني لانتخابات مجلس الشعب".