أكد محافظ ذي قار في جنوب العراق طالب الحسن الذي زار الكويت خلال الأيام الماضية، أن محافظته منفتحة على العالم كله. ولفت في حديث مع "الجريدة"، إلى أن زيارته للكويت جاءت لتعزيز سبل التعاون المشترك بين الكويت والعراق، مشيراً إلى أن أهالي الجنوب كانت لهم الكلمة الأولى في التصدي للاحتلال الصدامي للكويت من خلال الانتفاضة الشعبانية التي بدأها الشعب العراقي من الناصرية مركز محافظتي ذي قار والبصرة. وذكر أن "ذي قار" بانتظار الاستثمارات الكويتية في جميع المجالات، خصوصاً أن هناك الكثير من الأسر الكويتية تربطها قرابة وصلة رحم بأسر من المحافظة. وفي ما يلي نص الحوار:

Ad

• لماذا هذا الانفتاح في محافظة ذي قار على فرنسا تحديداً؟

ـ لا أعتقد أن "ذي قار" منفتحة فقط على جمهورية فرنسا، بقدر ما ترحب بكل دول العالم، سواء في مجال السياحة، أو في مجال الاستثمار، فمحافظة ذي قار هي المحافظة التي تجمع أكبر قدر من الآثار التاريخية لحضارة سومر وأور، وبالتالي يجعلها ذلك محط أنظار، ومقصدا للمهتمين بالحضارات والآثار من السياح والباحثين، كذلك في محافظة ذي قار "الأهوار" التي قال عنها وفد مستشرق زارها في ستينيات القرن الماضي إنها "فينسيا العرب"، لما تتمتع به من جمال وبيئة زراعية وثروة سمكية وحيوانية، وطيور متنوعة تختلف عن كل طيور العالم، فالشعب العراقي في هذه المحافظة يتمنى أن يزوره كل شعوب العالم، ولكن فرنسا كانت سباقة والأولى في زيارة المحافظة من خلال وزير خارجيتها برنار كوشنير برفقة نائب الرئيس العراقي عادل عبدالمهدي في يونيو 2008، وأبدى الوزير الفرنسي استعداد بلاده للاستثمار والإعمار في هذه المحافظة، ومن ثم تم افتتاح قنصلية فرنسية قبل يومين في المحافظة، والتي تضم مكتباً ثقافياً واقتصادياً، تهدف إلى اتساع مجالات تعاوننا في العديد من المجالات، ونحن نتمنى أن يتم افتتاح قنصليات مماثلة لدول أخرى، كذلك زار وفد سياحي ذي قار أواخر الشهر الماضي.

• وماذا عن زيارتكم للكويت؟

ـ جاءت تلبية لدعوة من منظمة المدن العربية بمناسبة مؤتمرها العام الخامس عشر، والذي عقد في الكويت، فجئت ملبيا للدعوة، وكذلك وجدتها فرصة للبحث مع الأشقاء في الكويت في موضوع الاستثمار بمحافظة ذي قار، وبحث ما يمكن أن يتم تبنيه من خلال صندوق إنماء المدن لتقديم المساعدة في إعادة إعمار مدينة الناصرية، خصوصاً أن الناصرية كانت صاحبة الشرارة الأولى في التصدي للاحتلال الصدامي وتبعتها بقية المدن العراقية من خلال انطلاق الانتفاضة الشعبانية هناك على أيدي عدد كبير من أهالي الناصرية، الذين دفعوا في ما بعد الثمن باهظاً، إذ حفر النظام البائد لهم قبورا جماعية لقبائل وعشائر بأكملها، كذلك أهمل المدينة والبنى التحتية بما فيها المدارس والمراكز الصحية والطرقات والشوارع عقابا لأهلها على موقفهم من غزوه للكويت الشقيقة، والحقيقة لمست كل الحب وكل التقدير من الشعب الكويتي الذي يشعر قبل غيره بمأساة العراقيين من النظام البائد لأنه عاش المأساة هو الآخر وعانى الكثير على أيدي ذلك النظام.

فمحافظة ذي قار بانتظار دخول الاستثمارات الكويتية في الكثير من المشاريع، وهناك عراقيون مقيمون في الخارج، وهم رجال أعمال، دخلوا في استثمارات من خلال بناء فنادق سياحية على أحدث طراز، لأن المحافظة تحتاج لذلك كونها كما أسلفت بها الكثير من الآثار التاريخية والحضارية، ونحن نعول كثيرا على الإخوة الكويتيين بأن يستثمروا في ذي قار.

• لا يزال لدى المستثمرين خوف من خوض عملية الاستثمار في المدن العراقية، كيف تواجهون ذلك في محافظتكم؟

ـ ربما يكون مع المستثمرين بعض الحق في ذلك، ليس في العراق فقط، بل في أي دولة تعيش ظروفا معينة أو صعبة أمنيا، لكن في العراق نجد أن الوضع في الجنوب بكل محافظاته آمن جدا حتى خلال الأزمة عندما اشتدت وكانت في ذروتها عامي 2006 و2007، كان الوضع آمن جدا جدا، وبالنسبة إلى ذي قار فهي من المحافظات العراقية التي لا ترتبط بحدود مع دول جوار أخرى، وإنما تربطها حدود مع محافظات عراقية هي البصرة والسماوة وميسان وواسط، وهذا يجعلها أكثر أمنا بحيث لا يقصدها الإرهابيون ولا المتطرفون الذين يدخلون من بعض دول الجوار، إضافة إلى ذلك أدخلنا منظومة العمل الاستخباري الجديد في محافظة ذي قار إلى حيز العمل بعد افتتاح برامج رقابة استخبارية إلكترونية ونصب كاميرات مراقبة ثابتة ومتحركة في مركز المحافظة.

إن المنظومة الجديدة تم إعدادها بشكل مشابه لما هو مستخدم في الدول الأوروبية، إذ إن كاميرات المراقبة تُسلط الضوء على الحدث والجريمة بعد وقوعها وكشفها وستسهم بتشخيص الخلل، وهذه الطريقة في تعقب الخروق التي تحدث في المحافظة ستكون الخطوة الفعالة لإنهاء الملف الخاص بأي اضطراب أمني محتمل وقوعه في المحافظة.

وهذه الكاميرات تعمل على مدار 24 ساعة في مدينة الناصرية مركز المحافظة. وسيتم توجيه المفارز الأمنية بالاتجاه الصحيح على ضوء المعلومات التي تصدر من غرفة السيطرة المركزية. ويُعد هذا المشروع الأهم في المحافظة، كونه يعتمد على التكنولوجيا الحديثة في مراقبة ورصد وتحليل الأحداث، كما نسعى الآن إلى توسيع العمل في هذا المجال من خلال إدخال أجهزة سونار لتفتيش السيارات بصورة دقيقة وسريعة، كذلك يجري العمل على إضافة كاميرات جديدة في أقضية ونواحي المحافظة على أن تُدار من غرفة السيطرة المركزية في مديرية الشرطة.

أيضاً لا يفوتني هنا أن أذكر أن شبكة المراقبة استعانت بنوعين من الكاميرات، أحدهما ثابت والآخر متحرك، ولهذه الكاميرات القابلية على تقريب الصورة بدقة وسرعة بالإضافة إلى الرؤية الليلية والنهارية.

ونحن الآن نتحرك باتجاه إنشاء مطار في المحافظة يسهم في تنشيط قطاع السياحة والتجارة معا، لأن محافظة ذي قار تمثل معلما تاريخيا وحضاريا للعراق وتشكل عامل جذب سياحيا للسياح من كل دول العالم، وكذلك نسعى إلى تفعيل قطاع الاستثمار السياحي من خلال إنشاء القرى السياحية والمجمعات التجارية والفنادق، فالمحافظة آمنة جدا جدا.

•ذي قار محافظة نفطية... فلماذا لا يتم الاهتمام بها من خلال عائداتها النفطية؟

ـ هذا صحيح، ويمكن أن تتم المساهمة في تطوير الواقع الاقتصادي للمحافظة من خلال زيادة العائدات من مشروع البترو دولار، الذي اعتمدته الحكومة الاتحادية والقاضي بتخصيص دولار واحد عن كل برميل خام منتج، وآخر عن كل برميل مكرر للمحافظة، وبالتالي فستستخدم تلك العائدات لتنفيذ مشاريع خدمية وزراعية وصناعية بما يوفر فرص عمل جديدة تساعد على رفع المستوى المعيشي للأسر الفقيرة.

وقد طالبنا الحكومة المركزية ووزارة النفط بضرورة زيادة عدد أبراج الحفر في الحقول النفطية في ذي قار بغية تقليص الفترة الزمنية واستغلال الوقت لحفر الآبار التي تضمنتها الخطة والبالغة 20 بئرا، لرفع الطاقة الإنتاجية، والتي يتوقع أن تصل إلى 50 ألف برميل يومياً نهاية عام 2011 في حقل الناصرية فقط. كما نسعى في المحافظة إلى إدراج الحقول الموجودة في المحافظة المتمثلة بحقل صبة وأبو عمود والناصرية وأور ضمن جولة التراخيص المقبلة والتي تقدمها وزارة النفط للشركات العالمية حتى تستفيد المحافظة من ذلك، لأن ما تحتاجه المحافظة من إعادة إعمار البنية التحتية أكثر بكثير من المدخول الخاص بالمحافظة، لذا نطالب بزيادة الميزانية لهذا العام وعدم تقليصها كما حدث في العام الماضي.