الشاب جوني في باريس رفع قضية في المحكمة وينتظر نتيجتها, لأنه يريد تغيير اسمه من جوني إلى كريم. ويقول جوني إن السبب هو أنه كلما قال لأحد إن اسمه جوني قال له: آه جوني على اسم جوني هاليداي المغني الشهير، ثم يقول، من باب الذوق طبعاً، رغم أني لا أحب أغاني هاليداي، فليس لدي أي تحفظ عن هاليداي هذا، لكنني أريد تغيير اسمي.

Ad

يذكرني جوني بقصتنا مع أسمائنا، فليس منا من لم يعترض على اسمه وهو صغير، ومن لم يعترض فقد يكون فكر لو أن اسمه كان كذا وليس كذا، وهذا يحيلنا إلى سيكولوجية الأسماء وكيف يسمي الآباء أبناءهم وما هو القصد منها. بعضهم يسميهم من باب التعبد على أسماء الأنبياء والرسل وأن خير الأسماء ما حمد وعبد، وبهذا قطع عليك طريق الاحتجاج، ولن يقول لك أحد آه على اسم فلان ما، لن تسمع غير ما شاء الله. البعض الآخر يسقط على أبنائه نزعته نحو القوة والشجاعة، فلا يترك اسم ضرغام ولا سيف ولا قوة إلا سمى بها ابناً له.

أّهالينا قديماً كانوا يحبون أن يكتبوا تاريخهم عبر أسماء أبنائهم، وكثيراً ما عبرت الأسماء عن ذاكرتهم الشعبية، فإن جاء الولد في يوم مطر أسموه مطر، وإن جاء في يوم هتان أسموه هتان، وأن أتعب والدته قالوا عنه متعب مع أن تسمية متعب جاءت لكي يبشروا عدوهم بالتعب. زميلة لي قالت إن لها عمتين، واحدة سميت شدا عندما شد أهلها أي نزحوا، والأخرى خلدا لأنها جاءت يوم نوخوا ركابهم.

أحد الزملاء أخبرني بأسماء أولاده الأربعة ذكوراً وإناثاً فظننت أن العائلة كانت بصدد نزهة في حديقة، فهذه اسمها على وردة غريبة، وهذا اسمه نهر عذب، لكنني فكرت في هؤلاء الأولاد ما إن يخرجوا من الحديقة إلى شارع يتخذ من اسمك فاتحة لحديث، فيفتش في اسمك عن شذوذ يعلق عليه، وإن لم يجد فتش عن اسم يشبه اسمك وقال يقربلك فلان؟

لدي أبناء ولا أذكر وفق أي نظرية سميتهم، لكنني اجتهدت أن لا تقع أسماؤهم في غرائبية ما، وأن لا يجد فيها مترصد مدخلاً، لكن لو قرر أحدهم أن يغير اسمه فلن ألوم سوى نفسي.