هبة حمادة: الإبداع والجرأة
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
العمل التلفزيوني لا يقتصر نجاحه على الكاتب، وإن كان الركيزة الأساسية التى يُبنى عليها العمل، فهو عمل يساهم في نجاحه الشخوص الذين يديرون دفة هذا العمل بدءاً من المخرج وانتهاءً بأصغر عامل في العمل. وربما توافر للكاتبة في هذا العمل مخرج متمكن وقدير وأستاذة التمثيل الكبيرة سعاد عبدالله ومحمد المنصور وبقية المجاميع التى كانت تؤدي بحرفية عالية، وهو ما يدعم هذا النص ويقدمه كما يليق به. وكوني أهتم بالكاتبة هبة حمادة في العمل دون سواها فذلك مرده إلى انتمائي إلى أهل النص الأدبي. تجسدت قدرة الكاتبة وموهبتها في الحلقة الأولى من العمل الدرامي، وكنت أتمنى أن تمتلك الكاتبة الجرأة على تقديم تلك الحلقة فقط كعمل درامي مستقل بذاته. كانت الحلقة مستقلة بذاتها أحسنت الكاتبة قيادة أحداثها ورسمت خلالها أغلب شخوص العمل تقريباً وتركيباتهم النفسية، حتى بلغت الأحداث ذروتها بمقتل الأم/الجدة سعاد عبدالله على يد أحد الأحفاد. لم يكن من السهل على الكاتبة التضحية بعملها الذي أعدته ليستمر أكثر من حلقة، ولكنها لو فعلت لتركت بصمة مهمة ولامتدحنا جرأتها الابداعية.اعتمدت الكاتبة في قيادة أحداث عملها على تكنيك يعتبر جديدا نوعا ما، على الأقل خليجيا، بترك السرد لأطفال أبرياء ينقلون لنا ما يرون من دون تحفظ أو قيود اجتماعية. وتلك المغامرة كان نجاحها مرهونا بتمكن الأطفال فنيا من نقل الأحداث، خصوصا أن ندرة توافر هؤلاء الأطفال وصعوبة قيادتهم إخراجيا تمثل عقبة أمام الكاتبة والمخرج. ولم يكن لتلك الفكرة الابداعية أن تتكرر في كل حلقة حتى لا تصيب العمل حال الترهل السردي، فلجأت الكاتبة إلى إنقاذ فنية السرد على منح شخوص العمل فرصا للعمل كرواة للأحداث أمام سرير الوالدة المصابة، ولكنها عادت مرة أخرى لاعتماد التكنيك الأول في الحلقات التى تلت شفاء الأم. وهنا كانت خطورة أن تتكرر فنية العمل حتى وإن لم تتكرر الأحداث أو تتشابه.أعرف أن المسلسل لم ينتهِ بعد وتلك قراءة لما تم بثه حتى الآن، ولكن الهدف من هذه القراءة مرده الفرح بامتلاك كاتبة مبشرة ترى أن الابداع الكتابي أحد همومها وهو همّ لا يمتلكه للأسف أغلب كتّاب الأعمال الدرامية. هنيئا لهبة حمادة عملها الجميل ويحق لنا أن نطمح للكثير من الأعمال المهمة منها.