قانون الكبير والصغير!
لم نرَ حتى هذه الساعة أي محاسبة أو عقوبة بحق أي كبير من داخل الجهاز الحكومي أو خارجه رغم انتفاخ ملفات التحقيق البرلمانية وديون المحاسبة والنيابة العامة، ولم نجد حتى الآن أي تطبيق للقانون في ملف الرياضة المنهك منذ ثلاث سنوات.
تصريحات سمو رئيس مجلس الوزراء في غبقة التحالف الوطني الديمقراطي الرمضانية بشأن تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير يفترض أن تكون منهج الحكومة وأحد المؤشرات الرئيسية على مصداقيتها، بل يجب أن تكون الهاجس الأول لأعضاء الحكومة وجميع القيادات العليا المهيمنة على أجهزة الدولة ومؤسساتها.ومثل هذه التصريحات وتوقيتها بالتأكيد لم تأتِ من فراغ ولا من باب الدعاية الإعلامية كشعار عابر، فأداء الحكومة خصوصاً في الفترة الأخيرة أصبح تحت المجهر الشعبي قبل البرلماني حيث راهن الرأي العام الكويتي على ضرورة إعطاء الحكومة فرصة للاستقرار وتأسيس قواعد العمل وتدشين خطة استراتيجية للتنمية وضخ الدماء الجديدة في مراكز اتخاذ القرار، بل الأكثر من ذلك تساهلت الأغلبية البرلمانية رضوخاً للضغط الشعبي مع الحكومة وأنقذتها من العديد من السقطات السياسية لذات التبريرات.
ومن جهة أخرى، فإن تصريحات رئيس الحكومة بتطبيق القانون خصوصاً على الكبير قبل الصغير بالتأكيد ترمي إلى طمأنة الناس من جديد في كيفية تعامل الحكومة مع القانون في القادم من الأيام، ويفترض أنها وضعت الوزراء على محك المسؤولية، فالقانون في حد ذاته واجب النفاذ ومصداقية أن يطبق على الكبير قبل الصغير ولا داعي للتصريح بذلك اللهم في حالة وجود خلل بل وخلل حقيقي.ولكن في مقابل مثل هذه التصريحات التأكيدات نجد العكس تماماً، فالقانون مازال يطبق على الفقير فقط وبكل حزم وأحياناً بتعسف بين، وكأن مصداقية الحكومة في تطبيق القانون لا تتعدى الأطفال الذين يبيعون البطيخ قبل ساعة الإفطار، أو مَن بنى السلم الخارجي لمنزله على أملاك الدولة أو من قام بتخضير أراضي الفضاء الحكومية والقاحلة. ولم نرَّ حتى هذه الساعة أي محاسبة أو عقوبة بحق أي كبير من داخل الجهاز الحكومي أو خارجه رغم انتفاخ ملفات التحقيق البرلمانية وديون المحاسبة والنيابة العامة، ولم نجد حتى الآن أي تطبيق للقانون في ملف الرياضة المنهك منذ ثلاث سنوات، ولا يبدو في الأفق تطبيق قانون غرفة تجارة الكويت أو قانون منع الاحتكار أو تنفيذ قانون سوق المال؟!بل من أهم "مصاديق" ترجمة تصريحات سمو رئيس مجلس الوزراء كان ما جرى بخصوص تطبيق قانون هيئة المعاقين الجديد واختيار مديرها العام بموجب أحكام ومواد أحدث قانون يصدره مجلس الأمة ويصادق عليه سمو الأمير.وتلوح في الأفق أيضاً ضرب قانون جامعة الكويت رقم (24) لسنة 1966 بشأن اختيار مديرها، والتمديد للمدير الجديد ليس بمرسوم وإنما بقرار من وزيرة التربية حتى إشعار آخر!فهل هذه ملامح ومؤشرات توجيهات رئيس الحكومة لوزرائه، وهل هذه التصريحات لا تصل إلى أسماع الوزراء أم أنها تصل... ولكن يضرب بها عرض الحائط؟ولذلك نتمنى أن يقوم مجلس الوزراء الموقر بتعريف مفهومي الكبير والصغير حتى يتعرف عليهما الشعب الكويتي ويفهم على من يطبق القانون بالفعل؟ ونتمنى أيضاً أن يصدر مجلس الوزراء نشرة دورية توضح عدد مرات تطبيق القانون على الكبار، وتبين أن توجيهات سمو الرئيس قد أخذت محمل الجد!