آمال: 
إلى الشقراء... 
تلك

نشر في 31-05-2011
آخر تحديث 31-05-2011 | 00:00
 محمد الوشيحي أنا الشرق، أنا العرب، أنا النفط، أنا الثروة، أنا الرفاه، أنا التخلف، أنا الثورة، أنا السفيه في عين حكّامي.

سيدتي الشقراء الأوروبية، يا من تعرفت بك بعد أن قدموكِ إلي «مهندسة ديكور داخلي من السويد» وقدموني إليك «كويتي جورناليست» أو صحافي كويتي، أخطأوا هم في تعريفي، وكذبوا عليك لجهلهم... قالوا جورناليست ولم يقولوا صعلوكيست متمرّديست من الميدل ايست، لا يعيش بلا نساءايست، وفي حضور الجمال قد ينسى التنفس فيموت إن لم يذكّره أحد، لكنه لا يميل إلى اللون الأشقر فافرحي أو احزني...

ماذا أيضاً؟ أحدثك أكثر؟... أنا المتناقضات... أنا الفوضى كما هي حالت هذه المقالة... أنا الشرق، ألا تعرفين الشرق، حيث الشعوذة حقيقة والحقيقة شعوذة؟ حيث تفسير الأحلام يدر دخلاً أضعاف الدخل من الاختراعات الهندسية؟ أنا العرب، حيث الشعوب ملك للحكام يورثونها أبناءهم كالعقار والأبقار؟ أنا من العرب، حيث لا يوفر لنا حكّامنا أطباء فنلجأ إلى العلاج بالبصق، قبل أن نشكر الحاكم ونحمده على جزيل نعمه ووافر فضله... أنا من العرب، حيث لا نرفض أمراً لحكامنا إلا إذا نهضنا لتحيتهم والتصفيق لهم فيأمروننا بالجلوس فلا نقبل... أنا من الشعوب تلك، حيث لا يتحدث حكامنا إلا إلى الفضائيات الأجنبية، وبالتوقيت الأميركي، الذي يوافق موعد نومتنا السابعة، فالمواطن الأميركي هو المخاطب لا نحن.

أنا من مصر الحرة يا سيدتي الشقراء، حيث نجح الضعفاء في كسر أنف أبي الهول... أنا من ليبيا، حيث الحاكم الذي وضع إبهامه وسبابته في رقبة شعبه اثنين وأربعين عاماً، وعندما دفع الشعب يدي الخناق بعيداً عن رقبته، تساءل الخنّاق مذهولاً: «من أنتم؟»، هو كان يخنق والسلام، لم يكن يعرف هوية المخنوق.

من أنا؟ أحدثك أكثر؟... أنا سورية، حيث مقاومة إسرائيل أربع مرات يومياً في نشرات الأخبار تكفي وتفيض. أنا من سورية حيث الطفل «حمزة» أحرج «عطران الشوارب»، حيث استُبدل العلاج بالبصق بالعلاج بالقصف... من أنا؟ أنا درعا لا أمّ لكِ، حيث يعلو صوت الربابة وغناء أمهات الشهداء على دوي المدافع... اخفضي عينيك يا سيدتي إجلالاً وانحني إكراماً فأنتِ في حضرة درعا، حيث الكرم هنا بإراقة دماء أولادنا قبل أن تنبت شواربهم عندما يعتقد الخليجيون أن الكرم يكون بإراقة دماء الأكباش والأنعام ويفاخرون بذلك... أنا من درعا أيتها الشقراء، حيث تخجل الجبال من ثباتي... أنا يا خضراء العينين درعاوي، أنا ابن السابعة عشرة الذي غنّت لي أمي أغنية العرس عندما بلغها خبر استشهادي، وعندما مر بي أصحابي وهم يحملون أشلائي أمام منزلنا، خرجت لهم أمي وأطلقت زغرودة حااااارة رددتها معها السماء... «أوييييييييها ليليليليليش».

من أنا بالتفصيل؟ أنا الكويت، حيث الحرية التي كانت، والريادة التي كانت، والخجل الذي كان، والفن الذي كان، والوحدة الوطنية التي كانت... أنا من الكويت، حيث يُضرب النواب والأكاديميون ويتم سجن المضروب. لا تضحكي، انتظري قليلاً... أنا من الكويت حيث يُطلب من المضروب أن يحمد الله بكرة وأصيلاً لأنهم اكتفوا بضربه وسحله وامتهان كرامته فقط، وآه «لو كنتَ في دولة من الدول اللي بالي بالك»، هكذا نطقوها.

أنا من الكويت لا أبا لكِ، إن كنتِ تعرفين أباك... أنا من الكويت، حيث يحكمنا أسرة نحبها، إلا أن خطاياها تناثرت من «الكيس» في الفترة الأخيرة لكثرتها... أنا من الكويت، حيث تطاير الدستور كدخان سيجارتي، هكذا، هوووووف... أنا يا شقراء يا بنت الأشقر من الكويت، حيث قرر الأحرار ذوو الدماء الحارة استعادة وطنهم رغماً عن أنف الوباء المنتشر في الأجواء.

أنا كل هؤلاء وأكثر... فمن أنتِ؟

back to top