اختصر النائب مرزوق الغانم مساء الخميس الماضي على تلفزيون «الراي» المشهد السياسي بقوله «رفعت الأقلام وجفت الصحف» رداً على زميله علي الراشد الذي طلب تريث كتلة العمل الوطني قبل إعلان موقفها من طلب عدم التعاون مع رئيس الحكومة.

Ad

كلمات النائب مرزوق الغانم جاءت في الصميم ومعبرة عن الحال التي بلغناها بعد أن قسمنا استجواب الرئيس إلى معسكرين؛ الأول هدفه مستقبل الكويت، والثاني همه نجاة الرئيس.

منذ حادثة اعتداء القوات الخاصة على المواطنين أمام منزل النائب جمعان الحربش يوم الثامن من ديسمبر الماضي ونحن نرى العجب العجاب يومياً، فنواب السلف الذين طبقوا مبدأ «مناصحة السر» لإقالة رئيس مجلس الوزراء قبل ممارسته عمله هم نفسهم اليوم يعطونه الثقة من باب طاعة ولي الأمر، لاحظوا جيداً خلط الديني بالسياسي، نفس النواب قبل خمس سنوات لم يمتثلوا لولي الأمر لكنهم اليوم وجدوا فتوى دينية - سياسية تلزمهم بذلك، ما يجعلنا نتساءل عن سبب اختلاف مرجعية السلف عن «الإخوان المسلمين»، فالتجمع السلفي يؤيد الرئيس امتثالا لفتوى دينية بطاعة ولي الأمر بينما أحد مقدمي الاستجواب عضو الحركة الدستورية الإسلامية.

أما الحكومة فرغم حملتها المكثفة وتقاتل مؤيديها ونزولهم بعتادهم الثقيل والخفيف مدججين بإعلانات مدفوعة وإعلام موجه ورسائل نصية قصيرة وحشود شعبية، لكنها مع ذلك فضلت التعامل مع الأزمة من خلف الأبواب بدلاً من المواجهة، وبعد كل هذا لم تجد سوى ستة أشخاص فقط يدافعون عنها، ثلاثة نواب ومثلهم كتاب صحفيون، مع تحفظنا على بعض ما شاب حديثهم من تدليس ولغة متدنية وخلط وقائع وتكثيف وتركيز على سلبيات الخصوم، لكن كل هذا الثقل لم يثن نائباً واحداً من مؤيدي طلب عدم التعاون عن رأيه أو يحيده على الأقل، بل على العكس رأيناهم يزدادون صلابة وعدد الـ21 نائباً مؤيداً للطلب الذي أعلنه النائب مسلم البراك بعد جلسة الاستجواب ثبت ولم يتغير.

السؤال الذي يجب على رئيس مجلس الوزراء أن يسأله لنفسه اليوم بعد احتفاله بالفوز ونيل ثقة أغلبية البرلمان: ما كلفة عبوره تصويت طلب عدم التعاون؟ وماذا استفاد من مستشاريه والمحيطين له خلال الأزمة الأخيرة؟

الثابت اليوم أن عبور رئيس مجلس الوزراء جلسة التصويت على طلب عدم التعاون منتصرا بأغلبية بسيطة لا يعني انتصاره في الحرب، فحصوله على ثقة البرلمان لن تقفل ملف متابعة وتقييم أدائه، فقد ارتضى دخول اللعبة السياسية ومن المفترض عليه ومن خلفه مجلس الوزراء مواجهة المعارضة، خصوصاً بعد أن أصدر مجلس الوزراء بيانين يشيدان بدور النواب، فيما شكر وقدّر في البيان الثاني (يوم الأول من أمس) أعضاء مجلس الأمة «الذين أعلنوا رفضهم للتعسف في تقديم الاستجواب الأمر الذي يعكس حسن وعيهم وحكمتهم وإدراكهم لحقيقة الأمور، والانتصار لمصلحة الكويت دائما، ويعكس إيمانهم الصادق بالديمقراطية والحفاظ عليها»، أي أن مجلس الوزراء يقر بوجود أغلبية نواب حكماء يُعتمد عليهم، وعليه فلن يضطر بعد اليوم إلى التعذر بمجلس الأمة كسبب للتراجع والتعطيل، وربما كان هذا المكسب الرئيس من الاستجواب، فقد انتصر للديمقراطية وثبت قبول جميع الأطراف ورضاها والتزامها بها.

على الهامش:

كنت أتمنى من نواب «إلا الدستور» بحكم دفاعهم عن الدستور ومواده الانتصار للحريات العامة أن يكون لهم موقف رافض من مصادرة الفرح وتحويل الكويت إلى ثكنة عسكرية ليلة رأس السنة الميلادية.