واهمٌ من يعتقد من حكامنا في دول الخليج العربي أن أحداث ثورتي تونس ومصر، اللتين تابعتهما شعوب المنطقة على مدى شهر يناير الماضي والأيام التي انقضت من الشهر الجاري، لن تؤثر على رعاياهم الذين تسمروا أمام شاشات التلفزيون ليتابعوا صورها ويقرأوا أخبارها وتفاصيلها عبر الإنترنت، ومخادعٌ أو ساذجٌ كذلك من يصور لحكامنا من مستشارين وحاشية بأن أوضاعنا في الخليج مختلفة، وأنهم قادرون على تجاوز صحوة الشعوب العربية المطالبة بالحرية والمشاركة في حكم أوطانهم والرقابة على ثرواتهم، كما تجاوزوا انقلابات العسكر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

Ad

صحيح أن علاقة الأسر الحاكمة في الخليج بشعوبها ذات طبيعة مختلفة تجعلها أكثر قرباً منها ومشروعية، وتملك «بلسم المال» الذي يخفف جراح مواطنيها ويسكنها لفترة دون أن يعالجها، ولكن تحولها إلى دول عصرية في النظام العالمي الحديث يتطلب مشروعية مختلفة تتلاءم مع روح العصر وثقافة الجيل الجديد من شعوبها، ولذلك فإن الجمود والبقاء على الأوضاع الحالية لن يكونا ملائمين، وقد تباغتها أحداث ليست في مصلحتها ودون أي مقدمات بعد أن تتفاعل في نفوس شعوبها ما يشاهدونه ويتابعونه من حولهم من متغيرات جذرية وسريعة.

ومن باب النصح والحرص على أنظمتنا الخليجية التي نود أن تبقى وتستمر في وسط تحديات المنطقة وتفاصيلها العرقية والمذهبية المتوترة... أقول بكل تواضع كمواطن ومراقب صحافي لحكام الخليج... بادروا إلى إصلاحات شاملة لا ترقيعية، فالشعوب أضحت في ظل التكنولوجيا الحديثة أكثر إدراكاً ووعياً من أن تخدع بإجراءات شكلية... وعليكم اليوم قبل غد أن تفكروا في أن:

• تتداولوا في تطبيقات الملكية الدستورية بشكل متدرج.

• تنفضوا أيديكم من التجارة- لمن قاربها- وإغراءات مليارات الفوائض النفطية.

• تُبعدوا عن حاشيتكم مستشاري السوء ومزاوجي السلطة بالمال.

• تتخلصوا من الفكر العشائري بتصدر الوجهاء و»الشاهبندر» لمجالسكم... وتسعوا إلى مجالس تمثل كل الشعب وأصحاب الفكر وصفوة العلماء.

• تُعززوا تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية وتلبوا تطلعات الطبقة المتوسطة وتوفروا مقومات الحياة الأساسية لذوي الدخل المحدود.

• تمنعوا الاحتكارات والتلاعب بأسواق المال... وتفتحوا المنافسة لتصل منافع التنمية والفوائض إلى الجميع حتى لا تحتاجوا إلى العطايا والمنح الزائلة.

• تتأكدوا من أن نصائح المنظمات الاقتصادية الدولية لكم تخدم مصالح شعوبكم ولا تصب في مصلحة «كارتيلات» الاحتكارات العالمية، وسحب وظائف الدولة الاجتماعية.

• تَرفعوا سطوة أبنائكم عن الرياضة والأنشطة الشبابية وتعطوها للمتخصصين من أبناء شعبكم، وتضمنوا كف أيادي أصحاب المصالح عنها.

• تقرروا ماذا ستفعلون مع الأعداد المتزايدة من أبناء الأسر الحاكمة الذين يسعون إلى المناصب والألقاب ويهيمنون على الكثير منها، ووضع ضمانات تكافؤ الفرص بينهم وبين سائر المواطنين.

• تتبرأوا من استخدام الدين والتنوع العرقي والمذهبي في مناورات السياسة وألاعيبها.

• تُطلقوا الحريات وأسس العدالة واستقلالية القضاء وحسن اختيار أعضائه.

• تُصدقوا يقيناً بأن الجيوش لن تفتح النار على شعوبها لحماية الأنظمة بعد اليوم، بل ستحميها قراراتكم الرشيدة وحب ورضا شعوبكم عنكم.