كان الزعيم الراحل يحرك الدنيا لو تعرض بلد عربي للاعتداء، وكانت تؤيده دول عدم الانحياز والشعوب التي تتطلع إلى الحرية والانعتاق من الاستعمار وتجد فيه الأمل والعون والسند عندما تطلبه، وكان رجلاً وزعيماً بكل معنى الكلمة. في ذكرى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أخذت أقارن شخصية المواطن العربي في زمانه وشخصيته اليوم، ونظرة العالم للعرب وقتها ونظرته إلينا اليوم، ومعاني العزة والكرامة وقوة الإرادة وقتها وضعفها وهوانها اليوم، وهيبة هذا الزعيم وقدرته على كسب احترام العالم له ولأمته ونظرته الشاملة لمعاني العروبة والوحدة والعدالة الاجتماعية وانحيازه التام للشعب العربي وآماله.

Ad

كنت أحس في وجوده بأني إنسان له مكانة كبرى في أي بلد نسافر إليه، وكنا نرى ونسمع احترام شعوب الأرض لهذا الزعيم العظيم ونرى ونسمع كيف كرهه الصهاينة والمستعمرون، ولا عجب أن الصهاينة في كل مكان لا تطيق أن تسمع اسمه حتى الآن، فهو الرجل الذي تحدى صلفهم وهدد كيانهم حتى وحدوا كل قوى الشر لإسقاطه والقضاء عليه.

لم ينجحوا عام 1956 ولكنهم تمكنوا من ذلك في عام 1967، للأسف ما إن غاب حتى بدأت أوصال أمتنا تتآكل ونعود إلى عهود التبعية والخضوع، وبعدما كانت مشاعر العرب مع كل قضايا العرب عدنا إلى التشرذم والانكفاء على قضايا كل قطر ولا علاقة بأي قطر عربي آخر ولا إحساس بما يلحق به من مآسٍ.

وها هي إسرائيل تفتك بالشعب العربي الفلسطيني دون أن يحرك أحد ساكناً، وها هو العراق يتمزق دون أي تحرك عربي، وها هو اليمن والسودان والصومال تتعرض للتمزيق فلا تجد لذلك أي صدى فعلي لدى العرب.

كان الزعيم الراحل يحرك الدنيا لو تعرض بلد عربي للاعتداء، وكانت تؤيده دول عدم الانحياز والشعوب التي تتطلع إلى الحرية والانعتاق من الاستعمار وتجد فيه الأمل والعون والسند عندما تطلبه، وكان رجلاً وزعيماً بكل معنى الكلمة.

في ذكرى وفاته قرأت كتاب «جمال عبدالناصر ورجاله» لمؤلفه السويسري جورج فوشيه وأعجبت بدقة البحث الذي قام به مؤلف الكتاب عن حياة زعيم الأمة العربية. حيث تابع ولادته وأصله الصعيدي العربي وتعليمه والكتب التي قرأها في مراحل حياته ودخوله العسكرية وصفاته الرائعة في تعامله مع الزملاء والجنود والضباط ودوره في معارك فلسطين قبل وفي أثناء حرب 1948 وقيادته لتأسيس حركة الضباط الأحرار ثم في قيام ثورة 1952. بحث دقيق وصادق من إنسان محايد زادني إعجاباً بالزعيم وحسرة على فراقه.

رحمك الله يا جمال عبدالناصر.