عندما ندعو «عسى الله لا يغير علينا»، أو عندما تضيق مقاييس الخير والشر لمذهب أو معتقد محدد، أو تختزل الحضارة الإنسانية بإنجازات السلف الصالح فإننا نتعامل مع الحياة من واقع الخوف والكره لا الحماس والحب ونعلن استسلامنا للموت قبل أوانه. حتى يتعايش البشر مع حقيقة الموت يصنعون عوازل أو ملاءات تعطيهم شعوراً بالأمان ليتغلبوا على الخوف من الموت وينتجون ويبدعون. هذا أساس نظرية «إدارة الرعب» التي نشرتها هارفارد أخيراً (الرابط أدناه*). وأحد هذه العوازل هو خلق نوع من «الرتابة» والتكرار في الحياة بحيث تعطي شعوراً زائفاً بالسيطرة والأمان. «الخدعة» الأخرى هي خلق أو اتباع معايير «للحق» تحدد ما هو طيب وعادل وما هو مقبول ومحمود، أما العازل الثالث فهو الحضارة الإنسانية بشكل عام التي تعطينا المجال للشعور بالمساهمة والمشاركة في نظام شامل وأزلي للمعتقدات والقيم.
لذا فعندما نخل بالنظام أو نغير الروتين أو نتحدث عن نسبية الحقيقة والعدالة أو ننتقد الإنتاج الحضاري لمجموعة ما، يأتي رد الفعل عنيفاً ومبالغاً فيه وبعيداً عن العقلانية أو المنطق لأنه يثير في لاوعي الآخر أعمق مخاوفه ويضعه في مواجهة مباشرة مع خسارته المحتمة أمام الموت.وهذه الملاءات- كما الدفاعات النفسية- لها فوائد عظيمة في مساعدة الإنسان للتأقلم والتطور والتعامل مع الضغوط التي يسببها الخوف من الموت، ولكن- كما آليات الدفاع النفسي أيضاً- من السهل أن تتحول إلى وسيلة للهروب من الواقع وتتحول بحد ذاتها إلى عوائق تشل التأقلم والتطور والإنتاج.لذا فعندما ندعو «عسى الله لا يغير علينا»، أو عندما تضيق مقاييس الخير والشر لمذهب أو معتقد محدد، أو تختزل الحضارة الإنسانية بإنجازات السلف الصالح فإننا نتعامل مع الحياة من واقع الخوف والكره لا الحماس والحب ونعلن استسلامنا للموت قبل أوانه.الموت والتغيير هما الحقيقتان الثابتتان، والتأقلم مع هاتين الحقيقتين بشكل إيجابي ليس بالأمر الهين إلا أنه حتمي من أجل التطور والارتقاء، فلنسعَ إلى التغيير بدلاً من أن تتحول حياتنا إلى ردات فعل له، ولنجعل لحياتنا معنى ووزناً حتى يبقى لنا أثر بعد فنائنا.لذا فأمنيتي لكم ولوطني العزيز في العام الجديد دوام التغيير والتجديد، والمزيد من العطاء والإنجاز، والكثير الكثير من الحب والفرح خلال زيارتنا القصيرة على هذا الكوكب الجميل وفي هذا الكون الواسع.* http://blogs.hbr.org/research/2010/11/employees-see-death-when-you-c.html?cm_mmc=email-_-newsletter-_-leadership-_-leadership120710andreferral=00206andutm_source=newsletter_leadershipandutm_medium=emailandutm_campaign=leadership120710
مقالات
!Happy New Year
30-12-2010