أصبحت قضية "البدون" من القضايا المزمنة في الكويت التي عجزت الحكومات المتتالية عن إيجاد سياسة عامة واضحة تتضمن حلولا نهائية لها رغم الوعود الحكومية الكثيرة، ورغم الدراسات المتعددة والاقتراحات الكثيرة التي قدمت لمعالجة هذه المشكلة التي كانت محدودة في بداية الأمر ثم تفاقمت وازدادت تعقيدا مع مرور الزمن.
ولعل آخر المقترحات الحكومية لمعالجة هذه القضية الإنسانية الشائكة والمعقدة، التي من غير المعروف حتى الآن سياسة الحكومة لمعالجتها، هو إحالتها إلى لجنة جديدة منبثقة من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية لتقديم اقتراحات أخرى جديدة لحلها من المؤمل أن تتبناها الحكومة، كما وعدت، من أجل إنهاء مشكلة "البدون"، لكن من المؤسف حقا، والجميع بانتظار ما ستسفر عنه مقترحات اللجنة الجديدة، أن تقوم بعض الأجهزة الحكومية بوضع عراقيل جديدة تصعب من عملية تعليم أطفال "البدون" مما سيؤدي إلى حرمانهم من حق التعليم الذي أصبح حقا مقدسا على مستوى العالم قاطبة، وهو الأمر الذي لاحظته لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، إذ صرح رئيسها بأن "اللجنة لاحظت أن هناك تضييقات جديدة على تعليم البدون، إذ تم اشتراط البطاقة الأمنية وشهادة الميلاد والمستغرب- والكلام لايزال لرئيس اللجنة- أن هذا الموضوع يعود مجددا رغم أنه جرى حله قبل سنوات ونطالب بإبعاد أي قرار سياسي عن مسألة تعليم البدون فالتعليم حق لأي طفل".من ناحية أخرى فإن هنالك حديثا رسميا عن أن الصندوق الخيري لم يعد يكفي للصرف على تعليم أطفال "البدون"، وهو الأمر الذي يتطلب الإسراع في دعمه ماليا سواء من قبل الحكومة أو من قبل الهيئات الخيرية الأهلية أو القطاع الخاص، خصوصا أن العام الدراسي قد بدأ لأن التعليم بالذات في مراحله الأولى هو حق إنساني للبشر جميعا، فضلا عن أن انتشار الأمية بين أطفال "البدون" سيؤدي مستقبلا إلى مشاكل كثيرة ستعقد حل المشكلة الأساسية من جهة، وسيكون لها آثار سلبية كثيرة على المجتمع الكويتي من جهة أخرى. إنه من غير المقبول سياسيا وأخلاقيا التحجج بأن عدم تسهيل الحكومة لعملية تعليم أطفال "البدون" مرده أن حل المشكلة الرئيسة، أي الوضع القانوني "للبدون" لايزال معلقا بانتظار مقترحات اللجنة الجديدة، إذ إن الدول الأوروبية، على سبيل المثال لا الحصر، تقدم الخدمات الأساسية من تعليم وتطبيب وغداء وكساء ومأوى وبعض المساعدات المالية أيضا للمهاجرين بشكل غير قانوني حتى يتم الفصل القانوني في وضعهم النهائي، الذي قد يستغرق وقتا طويلا، سواء بمنحهم الإقامة الدائمة أو الطلب منهم مغادرة البلاد وذلك لمعرفة حكومات هذه الدول أن حرمانهم من التعليم والتطبيب هو إجراء غير إنساني في المقام الأول، فضلا عن أنه سيؤدي إلى أضرار مجتمعية كثيرة تفوق تكلفتها المالية أضعافا مضاعفة ما سيصرف عليهم في وضعهم غير القانوني الحالي.
مقالات
تعليم أطفال «البدون» والسياسة الحكومية الخاطئة
06-10-2010