سياحة ثورية!
من إيجابيات الحراك الثوري الشعبي العربي أننا صرنا نتلقى دروساً في الجغرافيا السياسية، من خلال تتبع مسارات الثورات العربية.فقد دخل العديد من المدن والقرى الوعي العام العربي دون صعوبة، بل وعبر ثلاثة أشهر ومن خلال متابعة الانتفاضات والاحتجاجات المتواصلة دخلنا مدناً ومحلات وقرى عربية من أقصى العالم العربي إلى أقصاه. وبما أن المتابعة كانت بالأساس للحراك الشعبي فقد حفظنا أسماء تلك المناطق عن ظهر قلب، وكأننا في رحلة سياحية مع ثوار الأمة في طريقهم إلى إزالة أنظمة بركت على صدور الشعوب زمنا طويلاً.
وبما أن البداية كانت مع سيدي بوزيد في تونس، وهي ليست المركز، اتضح أن الحراك في الأغلب قد يبدأ في مناطق الأطراف وليس المركز أو العواصم، وأنه حتى لو كانت البداية في المركز أو العاصمة فقد لاحظنا أنها تتزامن بزخم كبير مع مدن ومحلات الأطراف.وهكذا دخلت مناطق ومدن ربما لم يسمع بها الجمهور العربي من قبل، مثل أجدابيا والبريقة وسيدي بوزيد وزليطن وغيرها، تاريخ الحراك العربي دون درس جغرافيا، لكنها دخلت التاريخ عبر إرادة حقيقية نحو الحرية والكرامة.وهكذا أيضاً تتشابه ردود فعل الأنظمة العربية البائسة وتتكرر الكلمات ذاتها، فالمتظاهرون حسب وصف تلك الأنظمة هم «إما عناصر مندسة» أو «مخربون» أو «عملاء تحركهم أصابع خارجية» أو «مدمنو مخدرات» أو حتى «عصابة إجرامية». حتى تشابه البقر علينا، فلم نعد نعرف إن كانت تلك الأوصاف تنطبق على المتظاهرين أم على بعض الأنظمة العربية.أما عن الجغرافيا والمدن والقرى العربية التي أصبحت جزءاً من حراك ثوري شعبي، فمن المتوقع أن ينتج عنها نوع جديد من السياحة يمكن أن نطلق عليه السياحة الثورية، إذ يأتي السياح، كما هو حاصل الآن في ميدان التحرير، الذي كان حتى ثورة 25 يناير مجرد ممر مهمل، ليشاهدوا معلماً جديداً من معالم مصر، وعسى أن يحيله من يخطط لمدينة القاهرة ليجعل منه مكاناً مختلفاً عما كان عليه قبل 25 يناير. ولعل الأهم من كل ذلك أن بناء الدول على أسس ديمقراطية لن يكون سهلاً ولن يكون كالسياحة على الإطلاق بل ستمر دول التغيير بمعاناة شديدة حتى تستقر الأمور فيها.• في إطار الحراك الشعبي في سورية برزت فجأة مدينة اسمها الصنمين احتار المتابعون في جدية اسمها وتهجئته حتى أن بعض المذيعين أصروا على نطقها بكسر الصاد. واللافت أيضا أنه تم إسقاط تمثال للرئيس السوري السابق قريباً منها. فهل هناك من لديه تفسير لمعنى الصنمين بفتح الصاد؟• وصلتني عبر الإيميل رسالة إلكترونية عنوانها «صورة نادرة للعقيد القذافي وهو يفكر». لم يطل الوقت بي لأدرك أنها فعلاً كانت صورة نادرة.