هل هناك ما يدعو إلى التفاؤل في حل قريب لمشكلة البدون؟

Ad

لا مجال هنا للتفاؤل أو التشاؤم أو حتى التشاؤل في مسألة إنسانية من هذا النوع الذي مرت عليه مدة طويلة توارثتها الأجيال، وتفرعت وتشعبت حتى ضاعت الرقعة على الراتق.

إن ظهور رؤية لحل قضية البدون هو أمر جديد يحدث لأول مرة منذ أن بدأت المشكلة في البروز قبل 25 سنة. ومن المبكر جداً الحكم عليها حتى نرى نتائجها على الأرض. وبغض النظر عن مثالب أو قصور في الحل المفترض فإننا أصبحنا اليوم في وضع يمكننا من مناقشة رؤية وتصور، بينما كنا في وقت مضى نتعامل مع العدم والتعنت.

الحل بصورته العامة، كما جاء في الصحف، ليس فيه شيء جديد، فأفكاره ومداخله قد تم تداولها على مستويات مختلفة، وتم تقديم مذكرات وتصورات عديدة شعبية وبرلمانية وحتى حكومية لم تكن تلقى بالاً.

لم أكن من المتحمسين لحل مشكلة البدون عن طريق قانون. فحل الموضوع ممكن دون تشريعات جديدة من خلال القوانين القائمة، سواء في مواضيع أساسية مثل الصحة والتوظيف والتعليم والسفر وشهادات الميلاد وعقود الزواج وغيرها. يضاف إلى ذلك أن قانوناً كان قد صدر سابقاً بتجنيس 2000 من البدون إلا أنه لم ينفذ.

وبالتالي فإن ما تم إعلانه بأنه لا حاجة إلى إصدار قوانين جديدة وسيكتفى بالقوانين القائمة هو توجه سليم خاصة أن أي قانون جديد قد يخضع للاعتبارات السياسية، ما يعني أنها مسألة قد تطول. ولربما تكون هناك حاجة إلى تشريع خاص بمبدأ الإقامة الدائمة، وهي مسألة جزئية على أي حال.

ويمثل التوجه إلى التعامل الإنساني مع كل فئات وشرائح البدون لإيقاف الهدر والمعاناة الإنسانية نقطة انطلاق صحيحة، فلا تفرقة ولا تمييز في الجانب الإنساني. ومن ثم يتم تجنيس المستحقين.

كما يعد إيجابياً التعامل بوضوح مع مصطلح القيد الأمني الذي عاناه كثيرون، خاصة عندما يتضح أن القيد الأمني لم يكن إلا إجراءً إدارياً تعسفياً، وبالتالي تم زج أناس كثر في أتون متاهات لا معنى لها.

وتكمن نقطة الضعف الأساسية في التصور المستقبلي للمشكلة، وتحديدها بثلاث سنوات يتم على أثرها إبعاد غير المتعاونين. فلو كان الإبعاد خياراً مطروحاً لتم تنفيذه مذ زمن. فالإبعاد القسري، فضلاً عن أنه مخالف للمعايير الدولية الإنسانية، فإنه غير ممكن التطبيق بالمطلق. وبالإمكان الاستفادة من تجارب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي نخطط معها لعقد اجتماع دولي لتبادل الخبرات بهذا الصدد.

الإشكالية الأخرى تتعلق بعدة آلاف دفعوا مبالغ طائلة للحصول على جوازات مزورة لإنهاء معاناتهم، وتم ذلك بتشجيع وعلم من الجهات المسؤولة في الدولة، فمن المفترض ألا يضيع هؤلاء في الزحام، وأن تتم إعادتهم لوضعهم السابق.

من حيث المبدأ نستطيع القول إنها خطوة في الطريق الصحيح، ولكن وكما يقول المثل الإنجليزي فإن الشيطان يكمن في التفاصيل. نسأل الله ونحن في هذه الأيام المباركة ألا يكون هناك شياطين في التفاصيل تتعرقل بسببها حلول لمأساة دامت ربع قرن مع أن حلها كان سهلاً يسيراً لا يتطلب إلا قرارا وتنفيذه بما يخرج المجتمع من أزمته الأخلاقية ويوفر له استقراراً وأمناً، اللهم آمين.