معركة الثورة الحقيقية
للتعامل مع حالة الجمود السياسي السابقة لعام الثورة العربية 2011، حاول الغرب بكل الوسائل أن يطرح مشاريع إقليمية لاحتواء الشرق الأوسط ووضعه تحت السيطرة الغربية، فبرزت علينا مشاريع الشرق الأوسط الجديد ثم الشرق الأوسط الكبير وغيرها.
كان محور الارتكاز في كل تلك المشاريع الإقليمية، وبالذات ما جاء منها بعد سبتمبر 2001، يقوم على الإبقاء على الأنظمة العربية كما هي، يعني دكتاتورية، قمعية، مركزية، والحفاظ على أمن إسرائيل، ومكافحة ما يسمى بالإرهاب. كان مستقبل المنطقة محسوماً في أذهان الساسة والخبراء الاستراتيجيين ضمن تلك الأطر.وهكذا وعلى طريقة «ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً» جاءت المتغيرات من مصدر آخر هو الشعب، حيث كان الشعب وحركته وطموحاته قد تم نسيانه بالكامل، ولم يدخل في حساب المخططين أو الخبراء أو المحللين، فالشعب بالنسبة إليهم لم يكن إلّا كمّا مهملاً، وفي أحسن الأحوال هو قطيع يتحرك بالإشارة ويجلس بالإشارة وينام بالإشارة. الخطوات التي تسير بها الثورتان التونسية والمصرية تدل على نضج وحركة دؤوبة مستقرة دون تدمير أو تفجير، خصوصاً بعد التركيز الواضح على أجهزة الأمن وبالذات جهاز مباحث أمن الدولة الذي كان يقود حالة عدم الاستقرار في البلاد. والمرحلة القادمة لعلها تشهد إعادة بناء ذلك الجهاز الأمني بما يحفظ أمن البلاد واستقرارها حقاً.نحن إذاً أمام شرق أوسط جديد، ولكن ليس على طريقة ما أراد له المخططون الغربيون وحلفاؤهم من الأنظمة العربية وإسرائيل.شرق أوسط جديد تأخذ فيه مصر الديمقراطية الحرة دورها الفعلي، ليس لمعركة قادمة مع العدو الخارجي كالعادة، ولكن لقيادة المنطقة في التنمية المستدامة واحترام كرامة الإنسان وتعزيز مبادئ العدالة والمساواة، فبدون كرامة للإنسان في الداخل لن تكون هناك معركة في الخارج. فهل نفوز بالمعركة الحقيقية؟* الحراك الشبابي في البلاد سواء أكان من خلال الدعوة إلى الاعتصام أو التظاهر السلمي أو الاحتجاج دلالة على حيوية المجتمع، والأهم من ذلك يمثل تمرداً على الحالة السياسية البليدة المرتبطة بمجلس الأمة، الذي لم يكن عبر السنوات مرتكزاً يعتد به. فالديمقراطية ليست صناديق اقتراع فقط، لكنها منظومة حريات تتيح الفرصة لشرائح المجتمع المختلفة للتعبير عن رأيها، وبالتالي فإن التعدي على الحق في التجمع هو تعدٍّ على الدستور.