البدون لبستوهم !
اثنان من البدون كانا من المحتجزين في أمن الدولة، وتم الإفراج عنهما في ما بعد، هما طبيبا أسنان وعلى درجة عالية من التفوق في عملهما، وهناك أكثر من طبيب «بدون» يعملون براتب لا يتجاوز 400 دينار، وأخبرني أحد العارفين بجهنم البدون أنه يوجد عدة حراس أمن في القطاع الخاص يحملون شهادات طب!! لكن ليس المهم كفاءة البعض من «المقيمين بصورة غير قانونية» المهم عند أكابر القوم في الديرة هو التركيبة السكانية وعدم اختلالها، وكأن تركيبتنا السكانية أنتجت لنا آينشتاين في الفيزياء وباخ في الموسيقى... والذي حدث أمس الأول في مجلس الأمة كان أكثر من مخجل وكان وصمة عار في جبين نوابنا الذين وجدوا أولويات أخرى لمناقشتها، أما تقرير حقوق البدون بقانون فقد تم تعمد إهماله بسبق الإصرار «والتعصب»، وتناسى هؤلاء النواب أن هناك مندوبين عن جمعيات عالمية لحقوق الإنسان كانوا موجودين في أثناء الجلسة وكانوا يتوقعون أن يناقش المجلس قضية البدون، ولكن هذا لم يحدث وكشفنا عن فضيحة إنسانية أخرى من فضائح «أنا كويتي وعزومي قوية».الحكومة وعدت بأن تفعل القرارات التي صدرت أخيراً من اللجنة البرلمانية بشأن الأحد عشر حقاً للبدون، وهذا ما بشر به الوزير البصيري ممثلة جمعية حقوق الإنسان الكويتية مها البرجس، لكن لا أدري كيف يصور علية القوم إصدار شهادة وفاة أو شهادة ميلاد للبدون على أنها «رخصة» وتفضل من الدولة واعتبروهما من بعد- واللغة هنا ملتبسة- على أنهما حقان مثل بقية الحقوق التي أقرت من اللجنة البرلمانية...! تلك ليست حقوق عادية يخلقها القانون وهي من باب أولى ليست صدقات تتفضلون بها على «المناكيد» الذين ولدوا في الكويت وعلى ظهورهم وشم كلمة «بدون»، هذه حقوق طبيعية يولد بها الإنسان ومعها يموت، وسواء أقرتها قوانين وضعية أو لم تفعل تظل حقوقاً سندها القانون الطبيعي وأحكام العدالة وهي غير قابلة للنقاش.
لست متفائلاً بأن 11 حقاً سيتم إقرارها بقانون، مادامت عقد الفاشية النفطية معششة في ضمير الكثيرين منا، وستظل على ذلك أوضاع البدون تتأرجح في القرارات الحكومية تخرج من سكة وعد كي تتوه في دروب اللامبالاة ولا تستقر على حال أبداً. المضحك أن الحكومة قالت في تبرير معارضتها إصدار قانون لتقرير حقوق البدون- طبعاً حقوقهم الإنسانية وفق مبدأ الحقوق الطبيعية وليس حقوقهم في الجنسية- إنه لا يمكن معالجة وضعهم غير القانوني بقانون...!! صحيح أن شر البلية ما يضحك، فتعديل حالة اللاقانون أو اعوجاجه دائماً يكون بقانون هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه في أحايين كثيرة تكون أسوأ أنواع الظلم هي المقننة بتشريع أو قرار مقنن... نظرة سريعة على تشريعات أمن الدولة في دولنا العربية تقنعكم بالإجابة. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة