احضرونا يا جماعة

نشر في 15-12-2010
آخر تحديث 15-12-2010 | 00:01
 أحمد عيسى بتقديم كتل العمل الشعبي والوطني والتنمية استجواب رئيس مجلس الوزراء يوم الأول من أمس ارتفع عدد الاستجوابات التي شهدتها الكويت إلى 53 استجواباً، قدم 20 منها خلال رئاسة الشيخ ناصر المحمد منذ فبراير 2006، وكان نصيبه منها 8.

وبلغة الأرقام فإن عهد الشيخ ناصر المحمد شهد 38% من إجمالي الاستجوابات التي قدمت في تاريخ الكويت البرلماني على مدى 47 عاما منذ 1963، مع الأخذ بعين الاعتبار سقوط عشر سنوات من هذه الحسبة نتيجة الحل غير الدستوري وتعليق البرلمان، ونصيبه من إجمالي الاستجوابات 15% بالعموم و40% من مجمل ما تقدم خلال رئاسته مجلس الوزراء.

وهذه الأرقام تعكس حالة الاحتقان السياسي التي تشهدها البلاد منذ تولى الشيخ ناصر المحمد رئاسة مجلس الوزراء، إضافة إلى لجوء الحكومة للغياب المتعمد لتعطيل الجلسات وهو ما جرى نهاية 2008 وبداية 2009 حينما شلت الحياة السياسية واستقالت الحكومة بهدف امتصاص الضغط النيابي مرتين، الأولى بعد أزمة السيد الفالي والثانية بسبب «مسجد الفنيطيس»، وكانت النتيجة أننا شهدنا ست حكومات وحل وانتخاب ثلاثة مجالس على مدى خمس سنوات تستكمل في فبراير المقبل.

البرلمان من جهته ونتيجة لغياب الحوار وعدم الإيمان بالديمقراطية، رأينا أقليته مصرّة على اختطاف قراره من الأغلبية غير المنظمة، وشهدنا ممارسات جديدة منها اللجوء للعنف اللفظي والجسدي داخل «قاعة عبد الله السالم»، وممارسة النواب لعملهم عن طريق وسائل الإعلام وبالندوات، إضافة إلى ما اعتراه حديث بعضهم من تنابز بالألقاب والتعرض للأصول، وجميعها ممارسات غير مقبولة إنسانيا واجتماعيا فما بالك سياسياً.

ونتيجة ما تقدم، فمن غير المستغرب نهائياً أن تخرج الممارسة عن أصولها، وتدفع البلد ومواطنيه الثمن من وقت وجهد وضغط عصبي ونفسي، فمع غياب الأجندة الوطنية تحضر الأجندات الخاصة، ونظراً لعدم وجود إيمان حقيقي بالديمقراطية نرى ما نراه يومياً.

الكويت تفتقد عقلاءها بشدة، الكل تخندق خلف معسكره، وجميع اللاعبين أصبحوا أطرافا في المعادلة، وعليه لا نرجو منهم تهدئة أو تعاونا، فالمعارضة تعتقد أن استمرارها بذات النهج التصعيدي سيؤدي إلى فرض قناعاتها، والحكومة لاتزال تجرّب أشكالاً مختلفة من التعامل مع المجلس، فسبق لها أن تجاهلت النواب ثم عادت وتعاونت، وبعدها امتنعت عن حضور الجلسات ثم أقدمت على المواجهة فصعد ثلاثة وزراء ورئيسهم المنصة في يوم واحد، ولاتزال تجرّب حتى اليوم أشكالاً مختلفة للتعامل مع النواب، آخرها الامتناع عن حضور الجلسة الخاصة بالتصويت على إسقاط الحصانة عن النائب فيصل المسلم الأسبوع الماضي والجلسة التي سبقتها بأسبوع.

وفي خضم ما يجري تغلق وزارة الإعلام مكتب قناة «الجزيرة» الفضائية لبثها ما اعتبر تشويها للحقائق، ثم ترسل الوزارة خطاباً إلى الصحف المحلية اليومية تطالبهم فيه بعدم الإشارة إلى ما جرى الأربعاء الماضي من مواجهات بين النواب وقوى الأمن، بينما نرى يومياً وسائل إعلامية موالية للحكومة منذ الثامن من ديسمبر تتقيأ علينا بمحتواها وضيوفها دون أن يتحرك أي عاقل لوقف حالة الاستفزاز والاحتقان الداخلي.

ما بثته قناة «الجزيرة» تداولته المدونات وانتشرت مع غيرها عبر مقاطع فيديو على الإنترنت، وكذلك تم تبادله عبر أجهزة الـ»بلاك بيري» ومواقع الإعلام الاجتماعي مثل «فيسبوك» و»تويتر» و»يوتيوب»، فهل ستقدم الوزارة على منعها هي الأخرى؟!

وما يخجل أننا وسط كل ما جرى تناسينا أننا في ظل العالم المفتوح وانهيار الحدود تحاول وزارة الإعلام فرض رأيها وتوجيه وسائل الإعلام المحلية والأجنبية من خلال توجيهات مسؤوليها، والمفارقة أن الوزارة التي فقدت السيطرة على وسائل الإعلام المحلية نراها تبطش بقوة القانون بوسائل الإعلام الأجنبية.

أختم بأن مبدأ استخدام العنف لمواجهة الكلمة مرفوض بإطلاقه، وعليه فما جرى في ندوة أحمد السعدون من اعتداء على محمد الجويهل يشابه ما قامت به قوى الأمن لمواجهة حضور ندوة جمعان الحربش، وكلاهما مرفوض.

ومختصر ما يحدث يدعونا إلى ما يجب الانتباه إليه وهو أن لدينا قوانين يجب إعادة النظر فيها، وينبغي على نواب الأمة أن يعملوا على معالجة الاختلال الحادث في مسألة التعسف باستخدام القوة والقانون، فقد شهدنا على مدى الأشهر الماضية تنامي ظاهرة التعسف باستخدام القانون وإقحام القضاء في أتون المواجهات السياسية، وهذا الأمر نراه متحققاً في دول لا تحظى بذات الرحابة الديمقراطية التي يقوم عليها نظامنا السياسي.

back to top