كلمة راس: الروح الرياضية... وأم المعارك
الإنسان الذي يسير وهو رافع رأسه إلى السماء قد يسقط في أقرب "بالوعة"، وقد يخرج منها سريعاً إن أرسل الله إليه من ينقذه، وقد يمكث يومه كاملاً في مياهها الآسنة وروائحها الكريهة، أما الإنسان الذي يمشي وهو ينظر إلى مواطئ قدميه فإنه سيصل إلى بيته سالماً معافى، ويقضي يومه بين أهله وأسرته.لو قلت هذا الكلام في الأيام العادية لوافقك الجميع ولوصفوا كلامك بالحكمة، لكنك إن قلته في أيام الصخب والتجاذب السياسي لقالوا إنك تدعو الناس إلى الخنوع والخضوع للسلطة وتخوف الناس منها وتروج لسياسة "الهون أبرك ما يكون".
في الأيام العادية الناس يكتفون بظاهر الكلام ويأخذون المقاصد المباشرة دون البحث عما وراءها، أما في أيام الصخب فإنهم يتوجهون إلى النيات ويحاكمون القول عليها، ولأن النيات يستحيل الوصول إلى حقيقتها فإنك ستجد كل حزب يحدد النية التي يريد أن يفسر الكلام عليها ويحمله على الرأي الذي يصب في مصلحة موقفه. لذلك فإن الإنسان في زمن الصخب السياسي لابد أن يحذر أثناء كلامه، لأن السيوف مقصلة والرماح مشرعة، والسهام مصوبة، والصدور ضيقة، ومن ليس معي فهو عدوي.يعني بالعربي الفصيح كبر على الروح الرياضية سبعاً فقد ماتت منذ زمن، ولن تجدها في بلدنا أبداً، ليس في مجال السياسة فقط، بل في كل المجالات، الرياضية منها، والاقتصادية، بل حتى الاجتماعية.الظاهر أن الحكومة العزيزة تحب الهزايم وتتفاخر بها، بل وتمجدها وتحيي ذكراها وإلا فبربك ماذا تفسر قرارها بإطلاق اسم "الصريف" على إحدى مناطق الكويت ومن قبلها اسم "هدية"، وهي أسماء لمعارك هزمنا فيها شر هزيمة، خاصة أن المناطق التي ستطلق هذه الأسماء عليها ليست هي المناطق التي دارت فيها تلك المعارك... ألا يحق لنا أن نعجب وأن نستغرب... الخوف أن يخرج علينا مجلس الوزراء بقرار جديد بإطلاق اسم "أم المعارك" على منطقة سكنية جديدة.