عصا الحكومة تأكل جزراتها!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
ومن الواضح أن الحكومة لجأت إلى سيناريو آخر للتعامل مع الوضع القائم عبر أداتي العصا والجزرة كخيار سياسة حافة الهاوية، وهي محاولة البقاء حتى الرمق الأخير، وأولى الجزرات الحكومية كانت في تعيين الشيخ أحمد الحمود وزيراً للداخلية، الأمر الذي كان له صدى إيجابي واسع برلمانياً وشعبياً، خصوصاً بعد أن استهل الوزير أولى خطواته بزيارة ديوان النائب الوعلان، حيث كانت تقام ندوة سياسية وما تناقلته الأنباء حول إبعاد قوات الأمن عن محيط الديوانية، إضافة إلى تعهداته بالإصلاح في دهاليز وزارة الداخلية، وهي بلا شك محل تقدير وترقب.أما الجزرة الثانية فتتمثل في التسريبات الحكومية بشأن وقف الملاحقات السياسية بحق محمد الجاسم وخالد الفضالة والإفراج عن عبيد الوسمي لترطيب الأجواء، بالتزامن مع توقيف بعض أدواتها عن إثارة الفتن والتحرش ضد أبناء القبائل إعلامياً.وهناك أيضاً جزرة ثالثة وهي الموافقة على بعض المقترحات النيابية التي طالما اتهمتها الحكومة بالشعبوية والتكسب الانتخابي؛ مثل زيادة الرواتب والعلاوات الاجتماعية، ورفع سقف المعاش التقاعدي، وإنشاء شركات مساهمة للمواطنين فيها أسهم مجانية!وفي مقابل هذه الجزرات تلوح الحكومة بعصا غليظة؛ وهي اللجوء إلى تفسير بعض مواد الدستور المتعلقة تحديداً باستجواب رئيس مجلس الوزراء، لعلها تغلق الباب أمام أي هزة سياسية عنيفة أخرى قد يتعرض لها سمو الرئيس مجدداً بعد التجربة الأخيرة التي كانت قاسية جداً بكل المقاييس.ولكن مثل هذه الخطوة غير موفقة على الإطلاق، لا من حيث المبدأ ولا الموضوع ولا حتى التوقيت، فالحكومة متهمة أكثر من أي وقت مضى بسعيها من أجل تنقيح الدستور وتفريغه من محتواه، وبالذات فيما يتعلق بأدوات الرقابة البرلمانية، وبالتزامن مع الاستجوابات المقدمة لرئيس الحكومة، ولذلك فإن هذا الإجراء سيكون بمنزلة تصعيد سياسي كبير آخر، ومثل هذه العصا ستأكل كل الجزرات السالفة الذكر، وتعود على إثرها حليمة إلى عادتها القديمة، ويعود التأزيم إلى نقطة البداية!