الانقضاض على النظام

نشر في 22-12-2010
آخر تحديث 22-12-2010 | 00:01
 أحمد عيسى هل يدرك نواب البرلمان مسؤولياتهم؟ وهل يعلمون أن «الديمقراطية» كنموذج للإدارة أصبح مشكوكاً فيه نتيجة ممارستهم، فخطورة ما يحدث أننا أمام حالة جديدة يعاب فيها على المبدأ بسبب الممارسة، فاستعراض العضلات المفرط واستخدام القوة المبالغ فيه لن يفرضا هيبة ولن يحققا مكسباً.

لم يعد للزمن أي قيمة بعد تضاغط الوقت ما جعل الأيام تمر كاللحظات، فها نحن نقف اليوم على مبعدة أسبوع من استجواب رئيس مجلس الوزراء، وهو ثامن استجواب له خلال أربع سنوات، وأمام سادس حكومة، وثالث مجلس.

دعونا نسترجع بهدوء ما حدث ونعيد تأمل مشهدنا السياسي، لم يتغير الشيء الكثير، رحل عدد بسيط من الوزراء والنواب، مقابل أحداث كثيرة مرت علينا دون أن ننتبه لها.

في تشريح الوضع الحالي نرى موالاة ومعارضة: نواب يرفعون شعار «إلا الدستور» وآخرون يردون عليهم «إلا الرئيس»، ومراقبون يعلون من شأن من يراقبونه، فنجدهم يراقبون زملاءهم بدلاً من الوزراء ورئيسهم، ومعارضة تقدم لنا قرابين يومية تفتدي بها الدستور بينما لا تقوم بأي جهد يذكر لتطبيقه أو تفعيل قوانينه.

تعودنا على «لت الحكي»، فقررنا الممارسة بالكلام بدلاً من التطبيق، ويحرص نوابنا على إرسال أسئلتهم البرلمانية إلى الصحف قبل تسليمها للأمانة العامة، ومنهم من يمارس عمله في وسائل الإعلام بدلاً من «قاعة عبدالله السالم»، ونراهم يستغربون تقييد حريات التجمع ولا يشرعون شيئاً بالمقابل، يستنكرون تكميم الأفواه باسم القانون ولا يغيرونه.

أما الوزراء فمرتاحون على الآخر، «داخلين بالربح وطالعين من الخسارة»، ينجزون باسم الحكومة ويتحمل الرئيس إخفاقاتهم، وما بين ذلك تصريف العاجل من الأمور وتسيير الحد الأدنى مما يطلب منهم.

هل تستحق الكويت منا كل هذا؟

«تشخنصت» القضايا، وتاه الناس في التفاصيل، وبحسب الأسماء تتشكل المواقف، لم يعد لصوت العقل مكان مقابل الصخب الذي نراه يومياً، وبت فعلياً أخشى على الديمقراطية وأنا أراقب ما يجري وأتابع ما يتناقله من يتابعنا من الخارج.

هل يدرك نواب البرلمان مسؤولياتهم؟ وهل يعلمون أن «الديمقراطية» كنموذج للإدارة أصبح مشكوكاً فيه نتيجة ممارستهم، فخطورة ما يحدث أننا أمام حالة جديدة يعاب فيها على المبدأ بسبب الممارسة، فاستعراض العضلات المفرط واستخدام القوة المبالغ فيه لن يفرضا هيبة ولن يحققا مكسباً.

وسط هذا الضجيج نسأل: ماذا قدمت المعارضة الجديدة للكويت، وماذا قدم رموزها وأقطابها انتصاراً للحريات والمبادئ العامة للدستور والمجتمع؟ الجواب: لا شيء، بل بالعكس نراهم يدمرونه من الداخل ويفرغونه من محتواه، يدافعون عن حقهم في التعبير ويحجرون على غيرهم، يزيدون من مكتسباتهم الشعبية على حساب الدولة والمال العام، وإذا أردتم تمريناً على ما يحدث أجيبوا عن السؤال التالي: ماذا جنت الكويت من تحالف النواب الإسلاميين مع القبليين كواجهة عامة للمعارضة بمواجهة النواب الشيعة والحضر بخندق الموالاة؟

مشهدنا السياسي تراجيدي، وقضايا الرأي في ازدياد، ورئيس الوزراء يجر خصومه إلى ساحات المحاكم، والحريات الشخصية مهددة، ومشهد رجال الأمن وسط التجمعات والندوات أصبح مألوفاً، وأستاذ جامعة يُسحل ويُركل بعنف أمام المصورين، وإغلاق قناة «الجزيرة» بينما وسائل إعلام محلية تقدم محتوى أخطر وأسوأ منها، حكومة تسعى إلى إفشال عقد جلسات البرلمان وتعقد صفقات لتمرير ما تريد، لغة الحوار تحولت إلى لغة شارع، وأخيرا تمعنوا بمن يدافع عن النظام وأركانه.

على الهامش:

سامي المنيس، وأحمد الربعي، ومحمد الرشيد... نفتقدكم بشدة، وبقدر الغياب يكون الفقد.

back to top