بعد اكتمال الدوام الدراسي على جميع مستويات التعليم بدءاً بالرياض وانتهاءً بالجامعات نبارك للقائمين والمنتسبين للجسم التعليمي بداية المشوار ونتمنى لهم رحلة سعيدة ممتدة طوال تسعة شهور، وبالتأكيد ستكون حافلة بالإنجازات إلى جانب المشاكل والعواصف المزمنة التي تعتري مسيرة التعليم منذ فترة ليست بالقصيرة.

Ad

وكلمة صادقة ومخلصة نبديها للمسؤولين على الإدارة العليا في وزارة التربية بأن الجميع، بدءاً من الطلبة وأولياء الأمور مروراً بالجهاز التدريسي والفئات المساندة وانتهاءً بالشخصيات السياسية ورجال الإعلام والصحافة، يتمنون لكم كل التوفيق والنجاح، لأن في ذلك نجاحا للكويت وأهلها، وأن اجتهاداتكم وجهودكم المتواصلة تبقى محل احترام وتقدير، وإذا كانت هناك رؤى ومواقف ورصد وتقييم خلافاً لقراراتكم ورأيكم، فإنها نابعة من باب الحرص على توفير أفضل المعايير التربوية وأجود أنواع الحصاد التعليمي لأبنائنا الطلبة، ومن هنا ندعوكم إلى سعة الصدر وتقبل النقد والتعامل بإيجابية مع الاقتراحات والتوصيات التي مهما تنوعت مصدرها، فإنها مستمدة من أهل الميدان ومن الجنود المجهولين ممن لا يقلون عنكم في الغيرة والحرص على تطوير التعليم.

ولعل سمعة التعليم في الكويت أصبحت على محك الشك والإحباط على المستويات المختلفة، والمشاكل التي تواجه التعليم وتتطلب روح التحدي والمواجهة تبدأ في الفلسفة التربوية ذاتها سواء ما يتعلق بالمناهج الدراسية أو فن الإدارة المدرسية أو مدة الدوام المدرسي وساعات العمل أو مبادئ إعداد المعلم أو جلب المدرسين من الخارج، وهذه القضايا بالتأكيد تعتبر العمود الفقري لأي سياسة تعليمية ذات منظور استراتيجي.

وبالإضافة إلى ذلك وما يدعو إلى مزيد من القلق أنه في ظل هذا النوع من الفلسفة التربوية المترددة، التي تحولت إلى مجرد حقل تجارب، تتفشى ظواهر الفوضى الإدارية والفساد الوظيفي، وتسري هذه المشكلة على الترقيات الفنية والوظائف القيادية وتنتهي بحركة التنقلات للمدرسين والعاملين تبعاً للوساطة والمحاباة، والضحية الوحيدة لمثل هذا الخلل هم المعلمون المجتهدون ممن لا حول لهم ولا قوة في النفاق الاجتماعي والتزلف والمحسوبية.

ويستمر قطار القلق على مستقبل التعليم لعبور محطات الفساد المالي والتلاعب في المناقصات والمشاريع المالية التي تعدت حاجز المباني والإنشاءات لتشمل باصات النقل وحتى غذاء الأطفال، وتثبت إجراءات التدقيق والتحقيق بأن بعض المسؤولين في الوزارة هم وراء مثل هذه التجاوزات.

وأمام هذه الخارطة المشوشة نجد أن عصب التعليم من المدرسين هم الشريحة المنسية حقوقهم ومزاياهم وهم آخر من يفكر فيهم الوزراء المتعاقبون منذ التحرير، فأهملت مطالبهم المشروعة ومقترحات القوانين التي تحفظ مكانتهم ومستقبلهم الوظيفي كحماية المعلم والأعمال الشاقة والكادر الوظيفي وحقوقهم التقاعدية، ووزارة التربية دائماً تنظر لجمعية المعلمين بعين الخصومة والتحدي بدلاً من روح التعاون والشراكة.

ورغم تنوع الاجتهادات وكثرة القرارات المتلاحقة والسريعة والعفوية والمتبدلة مع تغيير الحقيبة الوزارية، أثبتت هذه التراكمات المستمرة وفلسفة وزارة التربية في التعاطي معها العجز في رسم استراتيجية ثابتة للتعليم وزرع الثقة والاطمئنان في الوسط الميداني وعند أولياء الأمور وأبنائهم.

ولا يمكن البدء بخطوات جادة لإصلاح وتطوير التعليم إلا من خلال الميدان وفرسانه، رجالاً ونساءً، فهم الأعرف بشجون التعليم والأقرب إلى عقليات الطلبة وثقافاتهم الجديدة واستعداداتهم الذهنية ومتطلبات نجاح مسيرتهم الدراسية، ونأمل بالفعل أن يتواضع المسؤولون بعض الشيء وينزلوا من بروجهم العاجية ليلامسوا هموم التعليم على الأرض ويزيلوا منها تلك القنابل الموقوتة!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة