ديسليكسيا... ساعدي طفلك لمحاربته
«طفلي دائم الحركة ويتلعثم عندما يتكلمّ وكثيراً ما يخلط الأحرف بعضها مع بعض»، هذه صرخة أم تشكو من طفلها، بينما تقول أخرى: «طفلي بطيء التعلّم وضعيف في الحساب ولا أعرف كيف أجعله يتفوّق فيه»... هذه الصرخات تدلّ على جهل الأمهات عموماً بأن هذا الطفل أو ذاك يعاني مرض «ديسليكسيا» الذي يصفه الأطباء بـ{سارق العقل»، وغالباً ما يُكتشف في المرحلة المدرسية وليس قبل ذلك وتقدّر نسبة المصابين به بنحو 10% من الأطفال حول العالم. حول الصعوبات في النطق والقراءة التي قد تواجه الأطفال، «الجريدة} سألت أهل الاختصاص.توضح د. ليلى كرم الدين (أستاذة علم نفس الطفل في معهد الدراسات العليا للطفولة في جامعة عين شمس): «لا بد أولاً من رصد الأسباب التي أدت إلى زيادة معدلات الإصابة بهذا المرض ومحاولة التصدي لها دولياً، فقد بلغت نسبة الأطفال الذين يعانون صعوبات في التعلّم في المرحلة الابتدائية حوالى 10% حول العالم، بينما تزيد نسبة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون هذه الصعوبات على 42%، بالإضافة إلى أسباب تعود إلى طبيعة هذه الظاهرة التراكمية، بمعنى أن عدد المصابين يتضاعف عاماً بعد عام وإذا لم يتم التصدي بفاعلية لهذا المرض سنواجه مشكلة يصعب التغلّب عليها مع الوقت».
تضيف د. ليلى: «يشكّل النقص الشديد بل الندرة في الخدمات والرعاية والتأهيل للأطفال الذين يعانون صعوبات في التعلّم، عاملاً رئيساً في زيادة نسبة الإصابة بمرض «ديسليكسيا»، خصوصاً أن تأخّر نموّهم المتعلّق بالإدراك أو اللغة يبرز بعد دخولهم المدرسة، فيتعثرون في تعلّم القراءة والكتابة أو الحساب أو غيرها من المواد، ما يؤدي إلى رسوبهم وبقائهم في المرحلة الابتدائية أو تسرّبهم من التعليم».تلاحظ د. ليلى أن الطفل المصاب بـالـ «ديسليكسيا» تنتابه حالات نفسية سيئة وتراجع في التحصيل الدراسي وضعف في التوافق النفسي مع القدرات العقلية والمعرفية، مثل الانتباه والإدراك والتفكير المنطقي، ومع القدرات اللغوية بأشكالها المختلفة. «تنعكس هذه الآثار السلبية على سير عملية الطفل التعليمية، ما يؤدي إلى مضاعفات على الصحة النفسية وظهور اضطراب انفصالي وقلق زائد أو اكتئاب أو انطواء أو عدائية بالإضافة إلى الشعور بالدونية وعدم القدرة على التوافق مع الآخرين».تشدد د. ليلى على ضرورة الاكتشاف المبكر لهذا المرض والتشخيص الدقيق وتقديم الرعاية في سن مبكرة، لتحقيق أقصى استفادة لهؤلاء الأطفال وتجنّب المضاعفات السلبية التراكمية.«ديسليكسيا» المشاهير يشير د. مدحت شحاتة (أستاذ علم نفس الطفل في جامعة عين شمس) إلى صعوبة علاج حالات مرض «ديسليكسيا» التي يتأخّر اكتشافها، لا سيما أنه يصيب الأطفال دون سن الخامسة أي قبل مرحلة المدرسة، ويمتدّ مع الطفل إلى أكثر من خمس سنوات أخرى.يضيف د. مدحت أن «هذا المرض لا يعني نقصاً في القدرات الذهنية ولا يمكن أن يصنّف تحت مسمى تخلّف عقلي أو قصور ذهني، بل مرحلة انتقالية قد تختفي مع مرور الوقت وحسن العلاج. ربما تجد الأم أن ابنها يواجه صعوبات في تعلّم مواد معينة غالباً ما تظهر في القراءة وليس في الكتابة، كأن يخلط الطفل الحروف مع بعضها أو يعكسها، على غرار حرفي B وD في الإنكليزية، وهذا ما نسمّيه عيوب قراءة أو عيوب ترجمة الأرقام في الدماغ».يذكر د. شحاتة أن مشاهير أصيبوا بهذا المرض فترات طويلة، من أشهرهم: أينشتاين وتوم كروز، وهذا أمر يطمئن أناساً كثيرين يعاني أطفالهم هذا المرض. يؤكد د. شحاته أن برامج علاج الأطفال المصابين بالـ «ديسليكسيا» أصبحت متاحة وهي تتراوح بين السهولة والصعوبة حسب حالة الطفل والمرحلة العمرية والتعلّم بواسطة الرموز وإبراز الاختلافات الصوتية لاستيعاب الطفل بشكل أسهل.ينصح د. شحاتة الأم بعدم الضغط على الطفل في حال ظهور تأخر في التحصيل العلمي وعرضه بسرعة على الطبيب النفسي، وإذا لاحظت الأم أن طفلها يخلط الحروف أو يعكس الكلمات وهو في الخامسة من عمره ويتكرر هذا الأمر بشكل دائم فلا بد من عرضه على الطبيب أيضاً، كذلك على الأم أن تجري اختبار نظر لطفلها، فقد يكون سوء تحصيله الدراسي مرتبطاً بضعف قدرته البصرية.