إن الناس، في كل زمان ومكان، تبحث عن نماذج وقدوات لتعكسهم على ذواتها، والشباب هم الأكثر بحثاً عن مثل هذا، شعوريا ولا شعوريا، وكما أن الأثير والشبكات تمتلئ بنماذج الغناء والشعر والتمثيل وغيرها، فمن الممكن أن نقدم أيضا نماذج العلم والاختراعات عبر هذا الشباب الواعد الجميل.

Ad

كم كنت سعيداً عندما علمت بخبر فوز الشاب الكويتي صادق قاسم بمسابقة «نجوم العلوم» وحصوله على المركز الأول، والحق أن أغلب سعادتي كانت نابعة من الفكرة بحد ذاتها، فمسابقة للعلوم والاختراعات؟ في هذا الزمن؟ وفي عالمنا العربي؟ لشيء يفرح حقاً، وما كانت سعادتي لتقل كثيراً لو أن الفائز، لم يكن مواطني، وكان واحداً من الأشقاء العرب الآخرين الذين شاركوا في المسابقة، فالفكرة كانت ستظل هي ذاتها، ومذاق النشوة سيبقى كما هو.

صادق قاسم، وزملاؤه من الشباب والشابات الذين شاركوا في هذا البرنامج التلفزيوني الجميل المميز، قد أهدونا جميعا، كعرب، شيئاً غالياً يجب أن نفخر ونفرح به ولأجله، ولهذا فإن هذه الكوكبة الرائعة تستحق كل عناية واهتمام منا جميعاً كل وفق قدرته واستطاعته عبر موقعه، وبالطبع فإن المسؤولية تكبر كلما كبرت القدرات والإمكانات، وبالتالي فإن الحكومات والأجهزة والمؤسسات الكبرى تقع على عاتقها المسؤولية الأكبر والأهم.

نعم أدرك أنها في النهاية مجرد مسابقة تلفزيونية قد لا تعني شيئاً كبيراً على المقياس العلمي الجاد، إن أراد أحدنا أن يحسبها بالمسطرة والقلم كما يقولون، لكن هناك زوايا أخرى واسعة يمكن النظر عبرها لذات الأمر وسيتمكن المرء حينها من رؤية الكثير مما هو واعد ومفرح.

لن آتي بجديد مفاجئ حين أقول إننا اليوم في عصر الإعلام بلا منازع، وذلك عبر أدواته وتقنياته الكثيرة المتسارعة، كالفضائيات والإنترنت وغيرها، فالكل صار يدرك الأمر، بل انخرط الجميع في استخدام هذه الأدوات والتقنيات والتفاعل معها، لهذا فمن الممكن جدا، ودون الحاجة إلى جهد خارق، صناعة نجوم لامعة من هؤلاء الشباب، تماماً كما جرت صناعة النجوم من الكثير ممن ظهروا في برامج الغناء والشعر وما شابهها.

من الممكن استضافتهم وتوظيف وجودهم في كثير من البرامج والأنشطة الإعلامية والإعلانية، وتخيلوا معي تلك الثمرة الناتجة وذلك التأثير الإيجابي الذي سينثرونه على المشاهد والمستمع والقارئ العربي عبر هذه البرامح والأنشطة.

إن الناس، في كل زمان ومكان، تبحث عن نماذج وقدوات لتعكسهم على ذواتها، والشباب هم الأكثر بحثاً عن مثل هذا، شعوريا ولا شعوريا، وكما أن الأثير والشبكات تمتلئ بنماذج الغناء والشعر والتمثيل وغيرها، فمن الممكن أن نقدم أيضا نماذج العلم والاختراعات عبر هذا الشباب الواعد الجميل.

نعم، أعترف أنه قد تكون المعادلة أصعب في حالة هؤلاء الشباب العلماء بالمقارنة مع أولئك المطربين والممثلين، باعتبار أنه شيء جديد ومختلف بالكلية عما ألفه الجمهور واعتاده، ولكنها معادلة حيوية ضرورية جديرة بالمحاولة، ولو نجحت، وأنا أكاد أجزم بذلك، فسوف يكون لها بالغ الأثر وسيكون لها مستقبل طيب على كل المستويات المجتمعية.

مرة أخرى، شكرا جزيلا للشاب الجميل صادق قاسم، ولزملائه المخترعين الآخرين، على هذه البهجة التي زرعوها في نفوسنا، وشكرا كذلك لدولة قطر، ممثلة في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، على إطلاقها لهذا البرنامج المميز الرائع، هي وكل الجامعات والمؤسسات العلمية القطرية التي ساهمت في إنجاحه.