أراقب الثورة المصرية مراقبة لصيقة، مان تو مان. وعندما طالب الثوار بإقالة رئيس الوزراء «شفيق» وتعيين «عصام شرف» بدلاً منه، لم يستجب لهم «المجلس العسكري» فغضبوا وتنادوا في «تويتر»: «تعالوا ننزل الميدان ونشيل شفيق ونعيّن واحد من اللي اخترناهم (اختاروا ثلاثة كان أولهم عصام شرف)»، وبالفعل تم لهم ذلك، فواصلوا إصرارهم على تلبية بقية المطالب وأهمها «إلغاء جهاز أمن الدولة» ذي السمعة العربية الأصيلة، فلم يعرهم أحد اهتمامه، فغضبوا وكتبوا: «يووووه هوّه أنتم مش بتصدقوا ليه إن احنا بنتكلم جد وإن دي مطالب الثورة»، ثم أضافوا جملة مضحكة مرعبة: «ماشي، احنا حنصفّي الجهاز بنفسنا وبعدين ندّيكوا رنّة»، كتبوا ذلك ثم تجمهروا أمام مبنى جهاز أمن الدولة في الإسكندرية ليمنعوا تهريب الوثائق وحرقها، وتطورت الأحداث إلى أن دان لهم المبنى وسيطروا عليه وعلى ما تبقى من وثائقه وحرروا المعتقلين السياسيين، وأمس قرروا «تصفية» بقية مباني أمن الدولة وتحرير المعتقلين وتسليم الوثائق الموجودة في المباني إلى النائب العام... اللافت أن الثوار عثروا، كما يزعمون، على عدد من الجثث في سرداب أحد مباني الجهاز، وصوّروا الزنازين المعتمة المرعبة وأدوات التعذيب و«الكلاليب» إلخ إلخ إلخ، وستذعن الحكومة لمطالبهم كلها لاحقاً، وستفكك تلفزيون الدولة بعد أن قرر الثوار أن يجعلوه محطتهم القادمة.

ولا أدري ما سبب كتابتي بهذه الطريقة التي لا ينقصها إلا أن أختمها بالوقوف أمام الكاميرا و«محمد الوشيحي... من أمام مقر جهاز أمن الدولة في الإسكندرية... تلفزيون الكويت... موسكوووو»، لكنني أردت من كل هذه المقدمة أن أبين، أو أذكّر، بأن الشعب الحر هو «مصدر السلطات» والشعب القطيع هو «متلقي الصفعات»، وكل شعب يملأ «الأبلكيشن» بما يليق به.

Ad

وقبل يومين، طرح الشاب المبدع بدر ششتري في «تويتر» فكرة لطيفة، بمساعدة صديقه المذيع الهادئ عبدالله بوفتين، تقوم على أن يرشح كل «مغرّد» اسماً لتولي منصب وزاري، فانصبت غالبية الترشيحات التي بلغت نحو ألف – إلى لحظة كتابة المقالة – على ثلاثة أسماء «وليد الجري، ود. أنس الرشيد، ود. حسن جوهر»، ثم، بطريقة مضحكة، انهمرت ترشيحات «أمنية» لمصلحة رئيس جمعية المهندسين «طلال القحطاني»، وأقول «أمنية» لأنها كانت «تتدفق» في فترة محدودة ثم تنقطع، ثم تتدفق، ثم تنقطع، وهكذا، ومع ذا لا أظن أن القحطاني، مهما أتقن خطة «هوبّا هوبّا» سينافس على المراكز الأولى، لكنني أجزم أنه سيقبل أقرب حقيبة وزارية تصل إليها.

على أن اللافت هو أن الشيخ أحمد الفهد لم يحصل إلا على صوت واحد مبحوح، لكنه بالتأكيد «سيتدفق» ما إن يصل إليه خبر «التصويت».

عموماً، هذه هي اختيارات «المتوّتين» رغم عدم تصديقي للاستفتاءات التي تدور في ميدان الإنترنت لسهولة التلاعب بها، ورغم عدم تفاؤلي مهما تكاثرت الأسماء «الشعبية»... فما لم يتغير «الملعب واللاعبون القدامى» لن تستقر الكويت إلا بهزهزتها يميناً ويساراً مثل «دركسيون» السيارات القديمة.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة