سيد المقاومة يقلب الطاولة من جديد
من جديد يقلب سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله الطاولة على مشاريع الفتنة المستوردة من الخارج، والتي تستهدف وحدة لبنان من أجل إضعافه وجعله فريسة سهلة أمام العدو الصهيوني. وما القرائن التي قدمها في مؤتمره الصحافي الأخير والتي تشير إلى تورط العدو الصهيوني في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري إلا دليل على انحراف التحقيق الدولي وعدم حياديته.
لقد كان واضحاً منذ بداية تداعيات ذلك الاغتيال الغادر أن هناك دولاً عظمى أرادت تنفيذ أجندة معينة في ذلك البلد الصغير بحجمه الكبير بتأثيره، تمهيداً لإجراء تغييرات واسعة في المنطقة برمتها. فكانت البداية بالمحقق الألماني ميليس الذي شوه التحقيق و «سيسه» واعتمد على شهود الزور حتى ألقى برؤساء الأجهزة الأمنية الأربعة إلى السجن ظلماً مدة أربع سنوات، واتجهت بوصلة الاتهام إلى سورية من دون أي دليل مصحوبة بحملة اتهامات سياسية هوجاء سواء من داخل لبنان أو خارجه كوسيلة ضغط لإطاحة رئيس الجمهورية الصامد إميل لحود. لكن المرحلة الأولى من المخطط فشلت نتيجة مقاومة الرئيس لحود لكل تلك الضغوطات، فاتجهت القوى العظمى إلى المرحلة الثانية عبر العدوان الإرهابي الصهيوني على لبنان في سنة 2006 من أجل القضاء على المقاومة الإسلامية وخلق «شرق أوسط جديد»، كما قالت وزير خارجية أميركا آنذاك رايس. لكن الباري عز وجل رد كيدهم إلى نحورهم وانتصرت المقاومة التي أفشلت المخطط من جديد. كما جيء بالقاضي البلجيكي بريمارتس الذي يبدو أنه لم يرد المضي في مخطط تسييس المحكمة فاضطر إلى الاستقالة، وأخيرا أتى بيلمار الذي مضى على نهج ميليس من جديد، لكنه لم يستطع اتهام سورية من جديد نتيجة لتغيير المعادلة الإقليمية بعد التقارب السعودي - السوري، خصوصاً في ما يخص لبنان. لذلك حوَّل بوصلته باتجاه «حزب الله» وتجاهل إسرائيل بشكل تام مع أن العقل والمنطق يقول العكس. فاغتيال الرئيس الحريري تم في وقت شهد تقارباً كبيراً بينه وبين «حزب الله» لتناسي خلافات الماضي وتكوين تحالفات انتخابية والاتفاق على أجندة مشتركة. وكان من شأن هذا التقارب أن يساهم في تقوية العلاقات بين الأطياف اللبنانية المختلفة من أجل المضي بالبلد إلى الأمام. لكن ذلك بالطبع لم يكن ليسر أعداء لبنان وعلى رأسهم الكيان الصهيوني فكان من مصلحته القيام بالاغتيال من أجل ضرب عصافير عدة بحجر واحد: أي ترويج اتهام سورية بالاغتيال نتيجة علاقتها المتوترة بالحريري آنذاك تمهيداً للضغط عليها لإخراجها من لبنان - وهو ما حصل، وخلق حالة عداء بين سُنّة لبنان وسورية- وبالتالي مع حلفاء سورية وعلى رأسهم الشيعة، إضافة إلى خلق جو ضاغط لتطبيق القرار (1559) خصوصاً للضغط على الرئيس لحود حتى يتنحى عن منصبه. يبقى السؤال الذي يطرحه البعض نتيجة قلة إطلاعهم على مجريات الأمور أو نتيجة لمواقف مسبقة: لماذا لم يقدم سماحة السيد قرائنه في بدايات التحقيق قبل سنوات عدة، والجواب سهل وقد ذكره السيد في مؤتمره الصحافي، وهو أن القرائن ما كانت لتكتمل وتشكل ملفاً قوياً باتجاه تورط الصهاينة من دون اعترافات العملاء بعد بدء مسلسل القبض عليهم العام الماضي، كما أنه اضطر إلى كشف ما بحوزته حتى الآن دون اكتمال الملف نتيجة للمعلومات المسربة عن مسار التحقيق المنحاز، لكن يبقى لدى سماحة السيد الكثير من المعلومات التي لم يكشف عنها حتى الآن بانتظار الوقت المناسب، وهو الأمر الذي يجعل البعض يترقب بخوف والبعض الآخر بشوق.