"إللي في القدر تخرجه المغرفة" فما أنجزته القمة العربية الأخيرة، التي انعقدت في "سرت"، ما كان من الممكن اجتراح أفضل منه في ظل الواقع العربي الذي كان هناك أملٌ بانتشاله من ترديه في ضوء ما جرى في قمة الكويت، لكن هذا الأمل ما لبث أن تبخر وتحول إلى سراب صحراء يطارده الحريصون على تماسك العرب في هذه المرحلة التاريخية فعلاً لكنهم لا يدركونه.أهمّ ما أنجزته هذه القمة، أي قمة سرت الأخيرة، هو إعطاء الولايات المتحدة مهلة شهر لإنقاذ المفاوضات المباشرة التي ما إن بدأت، بعد مهرجان احتفالي في واشنطن، حتى ثبت أن الإسرائيليين بإصرارهم على الاستمرار في الاستيطان لا يريدونها، وأنهم إذ قبلوها فإنهم قبلوها من أجل المناورة وذرَّ الرماد في العيون والضحك على ذقون الأميركيين وفي مقدمتهم الرئيس أوباما نفسه.
كان الخوف كل الخوف أن "تشطح" قمة "سرت" بعيداً، وأن تعلن، استجابة لرغبات الأمين العام للجامعة العربية الدفينة والمعلنة، أن البديل عن التفاوض والمفاوضات هو الحرب أو حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد، وفقاً لشعارات ما بعد كارثة يونيو 1967 مباشرة، لكن الله "ستَر" عندما تغلب الاعتدال على "المقاومة والممانعة"، فكانت صيغة إعطاء الولايات المتحدة مهلة شهر كي تُخرج المفاوضات المباشرة من مأزقها الذي حشرها فيه بنيامين نتنياهو."ليس بالإمكان أحسن مما كان" فخيار الحرب التقليدية لم يعد قائماً، وكذلك الحرب الشعبية الطويلة الأمد، فعندما اتخذ العرب قرار مبادرتهم السلمية في قمة بيروت الشهيرة فإنهم كانوا يدركون هذه الحقيقة، وكانوا يدركون أيضاً أن الأجدى هو خوض المعركة السياسية على أساس هذه المبادرة، خاصة أن العالم كله، وفي مقدمته الدول الكبرى والعظمى، بات مع خيار السلام وفقاً لحل الدولتين، أي دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب الدولة الإسرائيلية. ولذلك عندما يكون العالم كله، بما في ذلك الولايات المتحدة، ضد الاستيطان ويعتبره غير شرعي، ويطالب بتجميده ومع الحل العادل والشامل لأزمة الشرق الأوسط، وفقاً لمعادلة الدولتين، فإنه أمر طبيعي أن تتخذ القمة العربية هذا القرار، وأن تستجيب للرغبة الدولية لتحاصر التطرف الإسرائيلي بالاعتدال العربي، وكي يجد العرب دعماً عالمياً إن قرروا لاحقاً، أي بعد شهر، الانتقال من دائرة المفاوضات المباشرة إلى دائرة الاستعانة بمجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.
أخر كلام
ليس بالإمكان أحسن مما كان!
11-10-2010