هناك الكثير من المغالطات والادعاءات بل الأكاذيب التي روجها ولايزال يروجها بعض معارضي الاستجواب الحالي الموجه إلى سمو رئيس مجلس الوزراء، خصوصا بعض كتاب الرأي وبعض مؤيدي الحكومة من أعضاء مجلس الأمة؛ من أجل تضليل الرأي العام وتشويه صورة الأحداث السياسية الحالية، وتزييف طبيعتها بهدف حرفها عن وجهتها الدستورية والديمقراطية الصحيحة. ومن ضمن هذه المغالطات والادعاءات التي يتضح، كما سنرى، تهافتها وعدم صحتها هو التالي:

Ad

1- القول أو الادعاء بأن ما قامت به قوات الأمن في الثامن من ديسمبر في ديوان النائب د. جمعان الحربش من اعتداء على ممثلي الأمة وعلى المواطنين العزل الأبرياء وسحل د. عبيد الوسمي وضربه هو شيء "طبيعي" يحصل حتى في الدول الديمقراطية، مع أن ذلك يعتبر ادعاءً غير صحيح البتة يعرف مروجوه قبل غيرهم أنه قول أو ادعاء كاذب ليس بسبب تجاهلهم لملابسات الحدث وسياقه السياسي فحسب، بل لأننا جميعا نعرف أن قوات حفظ الأمن في الدول الديمقراطية كافة لا تعتدي بالضرب على من لم يخالف القانون، إذ إن ما نشاهده من اشتباكات بين قوات مكافحة الشغب وبعض المتظاهرين أو المتجمهرين في الدول الديمقراطية سببها الرئيس والوحيد هو مخالفة القانون، مثل قيام بعض المتظاهرين بأعمال شغب كتكسير واجهات بعض المحال أو سرقتها، أو حرق إطارات السيارات أو تعطيل أعمال المرافق العامة، أو الاعتداء على قوات الأمن ورشقها المتعمد بالحجارة وغيرها، وهو ما لم يحصل في تلك الليلة المشؤومة.

2- الادعاء بأن الصراع السياسي الحالي هو صراع فئوي وليس صراعاً سياسياً دستورياً، أو بمعنى أكثر تحديداً فإن البعض يدعي أنه صراع بين "أبناء القبائل" والسلطة. وهنا أيضاً يتضح بطلان هذا الادعاء، إذ يكفي لتبيان عدم صحته أن نعرف ابتداءً أنه ليس هنالك صراع سياسي على السلطة في الكويت، إذ إن الكويتيين جميعا من دون استثناء ملتزمون بمواد الدستور كافة، ومن ضمنها المادة الرابعة التي تنص على أن "الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الكبير".

وإذا ما أضفنا إلى ذلك ما يكنّه الكويتيون جميعاً بمشاربهم الفكرية والفئوية والمذهبية كافة للمقام السامي لحضرة صاحب السمو أمير البلاد ولأسرة الصباح الكريمة أيضا من تقدير فائق واحترام كبير جداً يعرفه القاصي قبل الداني، وهو تقدير واحترام متوارث لم يفرض بالقوة أو بالعنف، بل بالاحترام المتبادل الذي أثبتته الأحداث السياسية الكبيرة التي مرت على الكويت عبر التاريخ، فإن ذلك كله يثبت مرة أخرى وبالأدلة القاطعة كذب وزيف الادعاء بوجود صراع سياسي بين ما يسمى "أبناء القبائل" والسلطة.

أما ما نراه من "معارضة" سياسية فقد يكون لبعض "أبناء القبائل"، حالهم حال الفئات الاجتماعية الأخرى، وجزء من الدور المؤثر فيها، فإن ذلك ليس بصفتهم "أبناء قبائل" بل بصفتهم مواطنين كويتيين ملتزمين بالدستور وبقوانين الدولة.

أضف إلى ذلك أن ما يسمى معارضة سياسية في الكويت ليست إلا معارضة أو عدم رضا على بعض السياسات الحكومية وليس بالضرورة جميعها، وهو ما ينفي عنها صفة المعارضة السياسية المتعارف عليها والتي تعارض السلطة دائماً وتستهدف الاستيلاء عليها كما هي حال المعارضة السياسية في بعض الدول العربية.

من ناحية أخرى ولتوضيح طبيعة العلاقة بين ما يسمى "أبناء القبائل" والسلطة أو حتى الحكومة التي يحاول البعض تشويهها وحرفها عن مقاصدها الدستورية، فإنه يكفي فقط أن نستعرض أسماء أعضاء مجلس الأمة الذين رجحوا كفة الحكومة في الاستجوابات السابقة عموماً وفي الاستجواب الحالي على وجه الخصوص لكي نعرف أنه لولا أصوات النواب من ذوي الأصول القبلية لما نجحت الحكومة في تجاوز طلبات طرح الثقة أو عدم التعاون، ولما تحولت جلسات مناقشة الاستجوابات بما فيها الموجهة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء إلى جلسات سرية.

وفي هذا الصدد فإن من رجّح كفة التصويت لمصلحة الحكومة في جلسة الاستجواب الماضية هم النواب "القبليون" الذين وصلوا إلى المجلس عن طريق الانتخابات القبلية الفرعية التي لم يجد مروجو الأكاذيب وبعض منتقدي كتلة "إلا الدستور"، التي تضم الانتماءات السياسية والفئوية كافة، حجة غيرها لكي يصفوا، زوراً وبهتاناً، الصراع السياسي الحالي بأنه صراع فئوي أو أنه صراع بين "أبناء القبائل" والسلطة من أجل تبرير تأييدهم اللاأخلاقي لقمع الحريات العامة والاعتداء بالضرب على نواب الأمة والمواطنين العزل وسحل أستاذ جامعي وإهانته بشكل لا إنساني!