الطائفية... البحث عن الأسباب الحقيقية
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
ماذا كنا نتوقع بعد أن ابتعدنا كثيرا عن التطبيق الفعلي للدستور الذي ينص على المواطنة الدستورية التي تضمن الحقوق والواجبات المتساوية، وبعد أن ضعفت التنظيمات السياسية الوطنية، وهمش دورها، وأفسح المجال للتنظيمات الدينية، وغاب التطبيق الجاد للقانون، واختلت العدالة الاجتماعية، واختزلت الديمقراطية لتصبح ورقة اقتراع فحسب، وأصبح الاستقطاب الطائفي والفئوي والقبلي والمناطقي هو الذي يضمن الفوز المؤكد في الانتخابات سواء البرلمانية أو البلدية أو على مستوى بعض مؤسسات المجتمع المدني أو الاتحادات الطلابية؟ بل ماذا كنا نتوقع عندما أصبح الانتماء الوطني الديمقراطي تهمة وأضحى الانتماء الطائفي والقبلي والفئوي والعائلي والولاء للأفراد، وليس المواطنة الدستورية والكفاءة العلمية والمهنية، هما جواز العبور للمناصب القيادية في الدولة وعندما أصبحت المحاصصة الطائفية والقبلية والفئوية هي المحدد الأساس في شغل المناصب العامة حتى على مستوى الوظائف الوسطى الفنية التنفيذية؟ من ناحية أخرى لا بد لنا أن نتساءل أيضا ما إذا كان لعملية التوقيت علاقة بما يجري الآن على الساحة العربية بشكل عام وعلى الساحتين العراقية والإيرانية بشكل خاص؟ بكلمات أخرى هل كان ذلك مقصودا، بعد أن بلغ التأجيج الطائفي والانقسام الفئوي لدينا مداهما في الآونة الأخيرة، من أجل إعطاء إشارة سياسية معينة في هذه اللحظات الدقيقة والحرجة التي تمر بها المنطقة لاسيما أن الكويت ترتبط باتفاقية "سوفا" مع الولايات المتحدة الأميركية؟!أسئلة كثيرة مهمة يتعين علينا الإجابة عنها لكي نتمكن من معرفة الأسباب الحقيقية لحالة الانقسام الطائفي الحاد، لأن التركيز على مظاهر المشكلة التي افتعلت أخيرا لن يعالج حالة الاستقطاب الطائفي الموجود في مجتمعنا، بل إن ذلك لن يكون، في أفضل أحواله، إلا تسكينا مؤقتا لبعض مظاهر المشكلة الطائفية التي قد تنفجر في أي وقت بشكل قد يكون من الاستحالة السيطرة عليه بسهولة، لاسيما أن أسبابها الرئيسة لاتزال موجودة. لذلك فإنه يجب أن يكون هناك سياسات حكومية جريئة وجدية طويلة المدى لمعالجة المشكلة الطائفية، إذ من المعروف أنها، أي الطائفية، ترتبط بعلاقة عكسية مع الديمقراطية الحقيقية التي وضع أسسها الدستور، ومع سيادة القانون والمواطنة الدستورية، وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية وقيم المجتمع المدني وهي أمور غائبة حاليا مع الأسف الشديد.