معارضة الشارع وديمقراطية الساحة

نشر في 10-03-2011
آخر تحديث 10-03-2011 | 00:00
 أحمد عيسى كثرت في الآونة الأخيرة الكيانات السياسية وممثلوها ممن يهيمون على وجوههم بين الندوات والتجمعات والدواوين مقدمين أنفسهم على أنهم قوى معارضة، وإن كنت أنطلق من التأييد المطلق لحق أي كان بالتعبير عن رأيه والانضمام لأي كيان يريد إلا أن تحفظي الوحيد على أغلبها أن قاسمها تخوين مناوئيها والخروج على قواعد اللعبة السياسية.

الكويت دولة ديمقراطية وبموجب دستورها يشارك الشعب بالحكم من خلال نوابه بالبرلمان، إلا أن الطفرة السياسية التي تشهدها البلاد على الأقل خلال العقد الأخير بينت أن هناك شبه فوضى نعيشها كمتابعين، وتحديدا خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وبدا واضحا أننا نتعاطى بشكل مباشر وغير مباشر مع أطراف بعضها مهووس بالنجومية، وأخرى تحب الظهور، وبينهما حمقى وأغرار، جميعهم يريد أن يعبر عن رأيه دون أن يحسب نتائج أفعاله، وهذه الفوضى من المحتم أن تقود البلاد إلى الهاوية حينما تترك لهؤلاء.

لقد نظم الدستور آلية عمل الدولة، وكفل حرية التعبير والتظاهر، ورسم طريقا واضحا لمخاطبة السلطات، وحدد أدوات وآليات الرقابة على عمل الحكومة، إلا أننا أمام حالة جديدة عنوانها النزول للشارع والتظاهر دون مبرر، وانقسمنا بين ساحات ودكاكين وفرق كل يرفع شعاراً من ناحيته وسقفا لمطالبه، ويرعاهم نواب قرروا أن يمارسوا عملهم بين الناس على أرصفة الساحات بدلا من قاعة عبدالله السالم ولجان البرلمان، متجاهلين حقيقة أن الناخب يقيم النائب على أدائه داخل البرلمان لا بقدر عدد الساعات التي يقضيها على الرصيف أو عدد تصريحاته.

من المستغرب أن من يدافع عن مجلس الأمة باعتباره سيد قراراته بالأمس، هو اليوم من يسوق أن قرار المجلس مختطف، ومن يتشنج بـ «إلا الدستور» يتحدث عن تعديله، ومن يقر أولويات عمل الحكومة والمجلس يأتي ويبادر بإدخال قضايا جديدة لتقديمها كأولويات جديدة، ونتيجة كل هذا أننا سنظل ندور في حلقة مفرغة، فلن نرى عملا نقيمه ونحكم عليه لأن معاييره غائبة، ولن يتحقق أي إنجاز لأن الأولويات المتفق عليها محل خلاف، فتتهم الحكومة النواب بالتعطيل والنواب يردون عليها الحكومة، والشارع يطالب بالإنجاز والناس تلوم الشارع، وكل يتهم البقية والمواطن البسيط يتأمل الحال ويتحسر.

إن سحب سلطة النواب بالرقابة والتشريع من يد البرلمان وتحويلها إلى الشارع مرفوضة تماما، مثلما هو مرفوض اختطاف العمل السياسي من قبل أقلية تحاول أن تضفي على نفسها شرعية لتبين نفسها على أنها أكثرية، وهو ما يدعو للانتباه، فالشعب يختار ممثليه للمشاركة بممارسة الحكم من خلالهم، وتجرى انتخابات ليفوز بها من يحظى بالأغلبية، والواجب أن تنصاع الأقلية لقرار الأغلبية، ومن خلال النواب تكون الرقابة وفقا لما لديهم من أداوت دستورية، وبهم يكتمل التشريع، لذا فما يدور داخل البرلمان هو أساس التعاطي السياسي بالبلاد وليس ما يجري بالشارع أو على أرصفة الساحات.

إن عدالة القضية تضيع في تشتت جهود متبنيها، وتعدد المطالبات يفقدها أهميتها ومشروعيتها، واليوم نحن أمام فوضى جديدة عنوانها النزول إلى الشارع، وما أخشاه أن يألف الناس النزول إلى الشارع، فيأتي يوم نرى فيه قاعة عبدالله السالم خاوية بعد أن تناسينا أن الرقابة على أعمال الحكومة تبدأ من هناك لا من فوق رصيف الشارع.

على الهامش:

رئيس مجلس الوزراء يواجه مطالبات من الشارع برحيله، ونواب البرلمان يؤكدون أنهم يمثلون الشارع، وأن المجلس سيد قراراته، وأن الرقابة البرلمانية تكون بالبرلمان، وأغلبية النواب يجددون ثقتهم بالرئيس، ثم بعد كل ذلك يعودون ويقولون إننا أمام مجلس مزور ويدعون إلى انتخابات مبكرة ويطالبون برحيل الرئيس، وبعدين؟

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top