يقول كاتب «الواشنطن بوست» ديفيد إيغناتيوس نقلا عن أوباما الذي دعاه مع آخرين إلى حلقة مصغرة من صحفيي البيت الأبيض: «من المهم جداً أن نضع أمام الإيرانيين مجموعة خطوات نعتبرها كافية لإثبات أنهم لا يبحثون عن تطوير أسلحة نووية... بما يفضي إلى إفساح المجال للولايات المتحدة من قبول صفقة تسمح لإيران بالحصول على برنامج نووي سلمي ما دامت طهران توفر إجراءات بناء الثقة»!

Ad

ويضيف الكاتب في «الواشنطن بوست»: «إن انفتاح أوباما المتجدد على إيران تضمن أيضا اقتراح محادثات حول أفغانستان»، ناقلاً عن أوباما قوله: «إن الطرفين لديهما مصلحة مشتركة في محاربة طالبان... وإنه من الضرورة بمكان إشراك إيران في عملية إعادة دمج عناصر طالبان عبر محادثات إقليمية لابد لإيران أن تكون شريكا فعالا فيها...»!

لقد جاء هذا الكلام بالطبع بعد أيام قليلة من حديث لرئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مايكل مولين كان قد كرر فيه مقولة وجود خطة جاهزة للخيار العسكري ضد طهران!

وهو الأمر الذي تؤكده على ما يبدو تقارير خرجت من صحيفة «جيورزاليم بوست» نقلاً عمن أسمتهم بقدامى الاستخبارات الأميركيين (في آي بي إس) والتي قالت إنهم بعثوا برسالة إلى أوباما حذروه فيها من الوثوق بنتنياهو «الذي يفكر في شن هجوم على إيران في سبتمبر المقبل لتوريط الولايات المتحدة في مثل هذه الحرب»... معتبرين في رسالتهم تلك: «ان من شأن حرب واسعة كهذه في المنطقة أن تؤدي إلى تدمير دولة إسرائيل»، وبالتالي فإن الصحيفة الإسرائيلية المذكورة توصي أوباما بالقول: «إن الطريقة الأمثل لدرء مثل هذا الخطر يتمثل في إعلان رسمي حازم من أوباما يحذر إسرائيل شخصياً من مغبة مهاجمة إيران يتبعه إرسال مولين إلى تل أبيب لإصدار تعليمات عسكرية: لا تفكروا بالأمر»!

انتهى حديث الصفقة والخطر المحدق والتحذير منه, وكل ذلك على لسان الصحافة الأميركية والإسرائيلية.

في هذه الأثناء كانت صحيفة «كيهان» المقربة من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية قد كشفت عن وجود ما سمته بـ»دلال العلاقات الأميركية الإيرانية» في طهران خلال انعقاد مؤتمر للمغتربين الإيرانيين غالبيتهم من القاطنين في الولايات المتحدة الأميركية, وهو الدكتور هوشنك أمير أحمدي رئيس لجنة العلاقات الأميركية الإيرانية والذي يحمل الجنسية المزدوجة والمعروف بعلاقاته الحميمة مع صناع القرار الأميركي بعامة واهتمامه البالغ بالبحث عن صيغة «صفقة» ما بين واشنطن وطهران!

أيضا من المهم أن نعرف أنه وغداة الحديث عن هذه الصفقة التي تشمل أفغانستان فقد شهدت طهران انعقاد الدورة الثالثة لقمة رؤساء الدول الناطقة بالفارسية، وهي طاجيكستان وأفغانستان بالإضافة إلى إيران بالطبع, والتي قيل إنها شهدت اجتماعات مغلقة بالغة الأهمية على مستوى الرؤساء بالإضافة إلى اجتماع المرشد الأعلى بالرؤساء الثلاثة مجتمعين لم يتسرب منها أكثر من عبارة: «إن وجود القوى الأجنبية في أفغانستان لم يأتِ من ورائه سوى الشر والفساد»! بالمقابل، فإنه ورداً على هذا النداء- الصفقة فقد علق رئيس الدبلوماسية الإيرانية منوشهر متكي بالقول: «إذا كانت أميركا تريد الواقعية فعليها ألا تأكل اللقمة باللف والدوران حول القفا نحن لا نتوسل المفاوضات مع أحد»! وهو رد حازم على ما يبدو تجاه طلب أميركا من إيران على أن تكون أكثر شفافية في الموضوع النووي, وتماهياً مع الرئيس أحمدي نجاد الذي طالب «بمناظرة علنية حرة» مع أوباما تشمل كل الموضوعات العالمية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك على هامش زيارته المقبلة المقررة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

على صعيد آخر، فإن القدر المتيقن مما هو متاح أن يعرف في طهران هو أن صانع القرار الإيراني كما يتابع بعناية «مقترحات الصفقة الأميركية المرتبكة والناقصة والمتخبطة»، يتابع ويراقب بدقة كل تحركات الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية تجاه حلفائه في بلاد الشام عموماً، ولبنان بشكل خاص، وهو على استعداد كامل ليحول أي مغامرة إسرائيلية أو أميركية تجاه أي من حلفائه، فضلا عن ان تكون ضده مباشرة، إلى صفعة مدوية تكون نهاياتها معركة نهاية إسرائيل بالفعل, أما كيف وما هي السيناريوهات، فإن علم ذلك عند الله والمرشد الأعلى والسيد حسن نصرالله وبشار الأسد, كما تقول الأوساط الوثيقة الصلة بالدوائر المحيطة بهؤلاء!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي الإيراني